بل يضيّفه «نيشلى» على فى ضيافة عظيمة ، ويذهبون بعد ذلك إلى مصر مع موكب الباشا الوالى ، ويظل الباشا أمير الحج فى البركة تلك الليلة ، وتنطلق المدافع والبنادق العظيمة ابتهاجا وسرورا ، حتى حجاج القصبات الأخرى يظلون فى البركة فى تلك الليلة.
وفى اليوم الخامس والسادس والسابع من شهر صفر يدخل حجاج مصر وسائر حجاج الديار الأخرى إلى مصر. وبذلك تكون جملة رحلاتهم مائة وعشرة يوم ، ويقوم أحد أمناء إبراهيم باشا بالذهاب إلى مكة فى أربعة عشر يوم ويلحق بالحجاج وهم على جبل عرفات ويحج معهم ، ويأخذ الرسائل من شريف مكة ويقوم بالسعى والطواف فى مكة ، وفى اليوم التالى أى فى اليوم الخامس عشر من رحلته يعزم الخروج إلى مصر ويصلها بعد أربعة عشر يوما وبذلك يكون الإياب والذهاب مع الحج فى مقدار شهر. وهذا يعنى أن الحج من مصر قريب وآمن ، ويقضى أمير الحج ليلته فى البركة ، وتنصب الموائد العظيمة للأعيان والأغوات وأغوات البلوك وكتخذا الجاويشية الذين خرجوا لاستقبال الحجاج ، وتنطلق فى تلك الليلة طلقات المدافع والبنادق ابتهاجا وفرحا ، وفى صباح اليوم التالى يأخذ أمير الحج المحمل الشريف ويتقدمه أعيان مصر الخارجون لاستقباله ويمرون على خيام أغوات الفرقة السابقة المقامة على الطريق ، ويسلم الحجاج على كافة الأغوات ويعبرون وعندما يكونون بالقرب من باب النصر يظهر موكب عبد الرحمن باشا ، فيتركون الموكب ويمتطون الجياد ، وعندما يصلون إلى المحمل الشريف ينزلون من على الجياد ، ويسيرون مسافة أربعين أو خمسين خطوة حتى يصلوا إليه ويقولون الشفاعة يا رسول الله ، وتعزف الموسيقى العسكرية ثم يقوم عبد الرحمن باشا بإهداء الباشا أمير الحج الخلعة الفاخرة من فرو السمور. فيقوم أمير الحج بتقبيل الأرض ، ويستقر الباشا فى العادلية ، ويصلون جميعا إلى باب النصر ، ويقضى أمير الحج ليلته ضيفا فى جامع جان بولاد ، ويسهرون الليل حتى الصباح ، وهم يتلون المولد الشريف ، وهذا المولد الشريف الذى يتلونه هو أول مولد يتلى فى مصر ، ثم مولد الشيخ البكرى والشيخ الكلشنى ومولد السادات ، وستحرر تلك الموالد فى موضعها ،