الفصل الثانى والعشرون
فى بيان قدوم موكب أمير الحج من الكعبة إلى منزل البركة
وقضائه تلك الليلة هناك
فى الخامس والسادس والسابع من شهر صفر تبدأ مسيرة طليعة الحجاج ولما يصل أمير الحج بالمحمل إلى موضع يسمى دار الحمراء ، ينقل الخبر إلى كتخدا الباشا فى بركة الحج.
فصل فى بيان محلة الأكواب الشهيرة عظيمة الخيرات
يمكث أغا تحصيل الخراج فى مكان يسمى الأكواب بسبعين أو ثمانين خيمة من الجنود المتطوعة ، وذلك قبل ورود موكب الحج بثلاثة أيام ، وبالرغم من أن مصر يوجد بها ألف سقاء ماء ممن يشتغلون بالسقى على الإبل والحمر ، إلا أنهم جميعا يأتون مع أغا تحصيل الخراج ، ويقومون بملئ الأحواض والصهاريج والأكواب وأسبلة الخير التى أنشأها الوزراء ، ثم يقومون بنقل هؤلاء الحجاج الضعفاء المنهكين من عناء السفر على تلك الإبل والجياد من البركة ويقف جند الوالى من التتار والشباب المتطوع وجنود المتفرقة على طريق الحجاج ، ويقدمون ماء النيل لهؤلاء الحجاج العطشى ، ويجتمع الحجاج الجوعى على مائة حمل جمل من الخبز وألف حمل جمل من الألبسة وألف قميص ومائة شاه ، ويدفعون عطشهم بشربهم ماء الرحمة. ويقدمون الألبسة لكافة الحجاج العرايا ، ويدعون لهم بالخير.
ويوجد لأعيان مصر ألف جمل محملة بالمياه ، وإذا حدث ولم ترسل تلك المياه فى هذا اليوم مع أغا تحصيل الخراج ، فإن معظم الحجاج سيصاب بمرض الحكة ، وتلك الأيام تعتبر فى حكم مسئولية ومهمة كاشف قليوب ، حيث أنه مكلف بحفظ وحراسة الحجاج لمدة ثلاثة أيام بلياليها فى دار الحمرا على طريق الحج ، حيث تقوم فرقتان من العربان كل فرقة قوامها مائتى جندى بحماية الحجاج من أولهم لآخرهم ، أما بقية الحجاج الآخرين الضعفاء الذين بقوا فى الطريق فقد يتعرضون لنهب أشقياء العربان. هذا بالإضافة إلى أن أى ضرر يصيب الحجاج فى تلك الأيام يكون مسئولية كاشف قليوب ، وذلك لأن تلك النواحى تعد حدود المنطقة.