وبعد ذلك أى فى اليوم العشرين من شهر محرم الحرام يدخل ألفا جندى بلا سلاح من إحدى أبواب قصر الباشا الوالى فى القلعة ، وعند مسير الموكب من أمام الباشا الوالى يقوم سبعون رجلا من الأغوات والأمناء والجاويشية بارتداء الخلع الفاخرة ، ويحصلون على الدعاء من الوالى ويخرج الموكب من القلعة ويخرج مع الموكب من جاءوا للمشاهدة من المصريين ويخرجون جميعا من باب مصر ، ويمكثون ثلاثة أيام فى العادلية ، ويأتى إلى هناك أيضا من البلدان المجاورة خمسة أو ستة آلاف ناقة وبغل وحمار ، وستة آلاف أو سبعة آلاف تاجر بلا سلاح يجلبون معهم الطعام والشراب ، وعلى الفور يرسل أعيان مصر مع مماليكهم ثلاثة آلاف حمل بعير من مياه النيل ، وذلك لعدم وجود مياه فى صحراء العقبة بدءا من العقبة وحتى منازل ثنيات عجرود ، وتكون جملة أحمال التجار من غلال الشعير والفول والسكر والعسل والزيت ، كما يجلبون إبلا زائدة عن العدد ليست محملة بشىء ، ومهما كان فى مصر من حمالين وإبل فإنها تخرج كلها عن بكرة أبيها فى تلك الرحلة ، ثم بعد ذلك يقوم أمير العقبة بإطلاق المدافع من العادلية ، والحكمة من الذهاب إلى العقبة أنه فى شهر المحرم عام ١٠٨٩ ه ، عندما كان عبد الرحمن باشا واليا على مصر ، وصل أمير العقبة بكم هائل من الخزائن إلى مضيق العقبة ، فجاء من ناحية الشام حثالة مقاتلى بنى زهد وبنى رشيد وآل عمور ، وتحاربوا مع جند القلعة وكانت حربا عظيمة ، وأطلقت المدفعية قذائف متتالية وقتل من العربان العرايا مائة شخص واحتل العربان مضيق العقبة ومكثوا فيه فما كان من أمير العقبة إلا أن تصرف بحكمة ، حيث عاد من العقبة ومكث فى واد منبت مياهه وفيرة وأقام المخافر على الطرق البرية للجهات الأربعة للمكان وبعد ثلاث أيام بلياليها وصل الخبر إلى حضرة عبد الرحمن باشا بأنه قد حل العقاب الأليم برءوسنا فى العقبة ، فقام بجمع الديوان السلطانى ، وتحير أعضاء الديوان من حكمة الخالق فى هذا ، وقال الوزير صاحب الدولة إن حال الحجاج دائما ما سيكون مضطربا فى العقبة إذا لم يأت لهم أمير العقبة بمدد.