وعلى الفور استدعى الوالى عامل الخزينة وأمره بأن يصرف لهم أربعين كيس من النقود المصرية على سبيل المحبة ، وأخبر بذلك جاويشية الموكب وسائر العربان والفرقة السابعة ، وعلى الفور يقام اللواء الأبيض المحمدى فى فناء قصر الباشا الوالى ، وفى اليوم التالى فى وقت العصر يمر الموكب من أمام قصر الباشا وهو موكب مكمل مزين يتكون من خمسمائة جندى منتخبين ، فيقوم الباشا الوالى بإلباسهم الخلع الفاخرة لابتهاجه وصفائه من الموكب ويعلّق على رءوسهم الطرة السلطانية ، ويعبر الموكب من مصر ثم يمكثون فى العادلية حتى الصباح ، ثم يخرج إلى العادلية ألف ومائة أو مائتين شاب ممن يقولون نحن لها ، ويصل بعدهم ثلاثة مدافع شاهانية وتضرب طلقات المدافع إعلاما بوصولهم ، ثم يصل ألفا رجل من الجنود المهاجمين إلى العقبة فى خلال أربعة أيام وليال ، ويأتى جملتهم فى مكان ما ، ثم ينتشر الجنود المشاة على الجبال والأحجار ، وعندما يرى العربان الأمر على هذا النحو يلوذون بالفرار بناء على المقولة التى تقول «فرارا على توالى الكثرة» لا سيما بعد وصول الجنود البحرية أيضا ، وبذلك يستطيع جملة جند المسلمين أن يتخطوا العقبة ويتقابلوا مع الحجاج المسلمين فى الناحية الأخرى ، غير أنهم يكونون فى غاية التعب.
وعندما يرى الحجاج الجنود فى العقبة فإن هذا يكون بمثابة تجديد الروح لهم ، ثم بعد ذلك ترسل البشارة مع مبشرى الجبل إلى الباشا الوالى بسلامة وصول الحجاج ، حيث يصل حاملوا البشرى إلى الباشا فى اليوم الرابع من خروجهم ، وعندما يعلم الوالى بهذا يبتهج ويمنح حاملوا البشرى كل واحد منهم خمس أقجات ويهبهم الخلعة والصرة.
ثم يقوم الحجاج المسلمون بتبديل الإبل التى بقيت فى العقبة ، وبذلك يغتنمون أقوات الدواب والأموال المصرية ، ويتجه الحجاج بعد ذلك إلى مصر فى تأن وتؤدة وبينما هم فى الطريق يطلب أعضاء الديوان صدور الفرمان الذى يجيز لهم الخروج لاستقبال موكب الحج ، وفى تلك الأوقات تبقى ستة أكياس من الأموال المصروفة إلى الباشا.