ولكن رعاية للحجاج يركب السادة والفقراء جميعا ويكون موكبا مزينا يجل عن الوصف. وفى هذا الموكب يعبر الجنود أفواجا أفواجا بالخيول العربية الأصيلة والإبل والنوق المزينة بالقطع التى لها ألوان طاووسية.
ويعرف من هذا أن هؤلاء هم جنود الحج. ويكون أمير الحج قد ذهب مقدما ومعه ستة قطع من المدافع ، وذلك لعدم وجود مدافع فى هذا الموكب ، وتمر هذه الطائفة من الجنود من مصر وهم يطلقون الأعيرة النارية ويهللون ويكبرون ابتهاجا وسرورا ومن شدة ازدحام الجند لا يستطيع أى رجل أن يخطو خطوة فى طريق موكب الحج. ويصل هؤلاء الجند على هذا النسق إلى العادلية ويضعون خزينة الصرة ويضربون خيامهم ، ويودعون الباقين فى مصر ثم يبقى منهم من يبقى ويسير من يسير ، وحينئذ يقوم أمير الحج بإرسال الصرة إلى بركة (الحج) ثم يرتحل هو فى اليوم التالى ، حيث يصل هو وجملة حجاج المسلمين إلى البركة بعد أربع ساعات ويمكثون هناك.
الفصل العشرون
فى بيان الموكب البهيج لجند أزلم وخزائنهم ومصاريفهم
عندما يتجه الحجاج المسلمون من مكة إلى مصر ، يتم تعيين سبع فرق من جنود المسلمين لإمداد حجاج مصر فى تلك الناحية ، وتعد قلعة أزلم بمثابة نصف الطريق بين مكة المكرمة ومصر (القاهرة). وهو عبارة عن ثمانية عشر منزلا ، ويذهب جملة جنودها إلى أزلم ، والقلعة من خيرات السلطان الظاهر بيبرس رحمهالله ، لها خيرات عظيمة يعجز اللسان عن وصفها. ويكلف الباشا أحد الأمراء الشراكسة فى مصر بالسفر إلى أزلم ويخلع عليه خلعة ويختار ثلاثمائة من الجنود المنتخبين من كل فرقة من فرق مصر السبع ، وليس لهؤلاء الجند درجات للترقى ، حيث إنهم يسخّرون لأداء هذه الرحلة. ويتم صرف أربعين كيسا من المال السلطانى لطعامهم وشرابهم وحمايتهم وخيامهم ومعسكرهم. ويعطى للمائتى ألف جندى ألف رأس من الإبل لنقل متاعهم وأغراضهم الثقيلة. ويقوم أغا الحسبة بتجهيز الإبل بالمؤنة اللازمة وتحسب كافة مصاريفها على نفقته. ومؤنتهم هى البقسماط والجبن الحلوم والعسل والزيت والقهوة والأرز والفول والشعير وغيرها من المؤن.