السماط وتناول الطعام جميع البكوات والأعيان. وبعد القهوة وإحراق البخور ركبوا جيادهم وتحرك الموكب على النحو الذى أسلفنا ذكره ، ومضى كتخدا الباشا والأغا الذى جاء بمرسوم تثبيت الباشا جنبا إلى جنب ، وعندما مر دفتردار الأغا يحمل الخلعة الفاخرة والكتخدا يحمل السيف المرصع والأوامر السلطانية التى فى جيب الأغا والكيس الحريرى والصرة المخيطة بالذهب وبداخلها الفرمان السلطانى ، عزفت الموسيقى العسكرية ودخل الموكب من باب الناصر وإذا ما رضى المصريون عن الباشا ازدحمت الأسواق السلطانية بهم لمجيئ فرمان التثبيت ، وعندما صعد عدة () (١) على هذا النحو إلى قاعة ديوان الغورى بالقصر السلطانى بقلعة القاهرة قارعين الطبول ، وصل الباشا إلى رأس السلم لاستقبال الموكب ثم وقف أسفل عرش السلطان سليم ، وفى التو خرج الأغا الذى أحضر مرسوم التثبيت مع الصرة وهو يحمله فى يده وأخرج كذلك الفرمان والأمر السلطانى من الصرة المزركشة وقبلها ووضعها على رأسه وسلمها إلى يد الباشا فقبلها هو الآخر ووضعها على رأسه ووضعت الطغراء الشريفة مع البسملة وفض خاتمها. وعند إخراج الفرمان الشريف حفل ديوان الغورى بحشود من الناس قدموا لمتابعة ما يجرى بالديوان. ثم تلى أفندى الديوان الفرمان الشريف فى جرأة وجهارة وفى الأغلب يتضمن خير الدعاء للبرايا والرعايا وأحوال مكة والمدينة والخزانة وقول السلطان : لقد قررت تثبيتك فى هذه السنة المباركة. فصفق جميع الجاويشية وعمت البهجة والابتسام وجوه جميع أرباب الديوان وفى التو تقدم الأغا الوافد نحو الباشا حاملا الخلعة الفاخرة فى يده ، ثم قبلها وألبسها الباشا وعندما ارتدى الباشا الخلعة صفق كل الجاويشية قائلين : «بارك الله لك فيها» ، بعد ذلك علق الأغا الوافد السيف المرصع بالجواهر فى وسط الباشا والأغا تحت إبط الباشا وصعدا به سجادة السلطان الغورى وتليت الأوامر السلطانية بأعلى صوت للمرة الثانية ، وبيض الجاويشية والأغوات الأوامر السلطانية ووزعوها لتنفيذ ما جاء فيها. وعندما انفض الديوان أطلقت مدافع القلعة سبعين طلقة وعمت البهجة والفرحة الناس جميعا ، وفى تلك الساعة حضر موسيقيو
__________________
(١) بياض فى الأصل.