المزينة بالورود
رافعين خضر الأعلام ، ثم مر حملة المشاعل بمشاعلهم المزينة بشتى الألوان يتراقصون
ويصفقون صائحين : «الله ينصر السلطان» ، وعندما دخل الباشا القاهرة على هذا النحو
اصطف لاستقباله فى ميدان الروملى جميع السباهية وفرق حملة البنادق والمطوعة
والشراكسة ومشاة المتفرقة وهنأوه بسلامة الوصول فحياهم وانصرف جميع الفرسان إلى
ديارهم وعندما خطا الباشا من باب العزب قائلا : بسم الله ، نحر العزب مائة من
الكباش وأراقوا دماءها تحت حوافر جواد الباشا وبسطوا أكفهم بالدعاء له بكل خير ،
وسار العزب والإنكشارية بجانب جواد الباشا حتى دخل قصره وسط مظاهر الجلال والعظمة
وعندئذ ذبحوا مائتين من الخراف وتعالت أصواتهم بالدعاء للباشا وقرأ الباشا الفاتحة
وعندما ترجل عن جواده صفق جميع الجاويشية والموضع الذى نزل فيه الباشا عن جواده هو
الموضع الذى جلس فيه السلطان سليم فاتح مصر فجلس الباشا فيه قليلا تبركا وتيمنا.
ثم صعد الباشا
سلما حجريا من خمس وعشرين درجة يفضى إلى قاعة ديوان قايتباى ناطقا باسم الله وعلى
يمنته الكتخدا وعلى يسرته كتخدا الجاويشية والجاويشية يدعون الله للباشا قائلين : «بارك
الله ثبت الله قدمكم وأدام دولتكم» ، وفى التو أشار رئيس جاويشية الإنكشارية
بمنديله إلى القلعة فأطلقت المدفعية أكثر من أربعين طلقة من برج الطوبخانه وعزفت
الموسيقى العسكرية مقطوعة صغيرة.
ونادى كتخدا
الجاويشية قائلا : «هل من صاحب مظلمة أو مصلحة» ، وعندئذ لزم الصمت كل من فى
الديوان ثم تقدم نحوه ستة من مكة والمدينة يتقدمهم من يطلق عليه مصطلح «صاحب
المصلحة» وقال : «مرحبا بمقدمك يا وكيل السلطان خادم الحرمين الشريفين». وسلمه تقريرا
يتعلق ـ ولا بد ـ بشئون مكة والمدينة فتسلمه الباشا قائلا : بسم الله ، وخط بالقلم
مستصوبا وأصدر أوامره وتوصياته فى تلك المسألة بوصفه وزير مصر ووكيل السلطان
العثمانى خادم الحرمين الشريفين ، لذا أنشأ فى ديوان مصر إدارة مهمتها النظر فى
أمور الحرمين الشريفين وكان ذلك أول أمر بت الباشا فيه فى ديوان مصر. ثم دعا داعى
الديوان وتليت الفاتحة ، ثم قبل الأعيان والأشراف جميعا يد الباشا وجددوا له