البيعة وعندئذ عزفت فرقة موسيقى القلعة فى ميدان القصر إحدى المقطوعات الموسيقية ونالوا من الباشا منحة قدرها ألف پاره وانصرفوا. وقبل جميع أرباب الديوان يد الباشا طيلة ساعة.
وبعد ذلك قرأ داعى الديوان الفاتحة وأخذ كتخدا الجاويشية ورئيس فرقة المتفرقة بيد الباشا ليرفعاه من جلسته على سجادة قايتباى. ثم صافح الباشا جميع أرباب الديوان وصفق جميع الجاويشية وسلموا على الباشا ، ثم دخل الباشا حجرته وتفرق جميع الحضور.
وفى تلك الساعة بالذات تلا أربعون من القراء سورة «الأنعام» فى قاعة ديوان الغورى وقد جرت عادتهم على قرائتها كل صباح هناك. وبعد أن مضى الباشا إلى الحجرة التى جلس فيها على كرسيه وتخفف من بعض ملابسه لكى ينعم بالراحة قدم على الفور جاويشية الفرق السبع وطالبوا الباشا بمنحهم.
ولقد أعطى جان بولاد زاده حسين باشا كيسين إلى فرقة الإنكشارية ، كما أعطى كيسا إلى كل فرقة من الفرق السبع وبذلك يكون إجمالى ما دفعه لهم تسعة أكياس.
وما ذكرنا من أوصاف موكب استقبال الباشا كان خاصا باستقبال جان بولاد زاده حسين باشا. لأن من ولى بعده من الوزراء أكثروا من اتخاذ الحجاب.
واستراح الباشا فى تلك الليلة. وبمقتضى قانون السلطان سليم كان لابد من تقديم ثلاثة آلاف صحن من الطعام لأرباب الديوان صباحا مرتين فى الأسبوع. وإذا لم يقم الباشا هذه الولائم وأضاف نفقاتها إلى الخزانة أو إلى ماله الخاص فإنه يطالب بها عند خلعه. ويطلبون من الباشا اثنين وتسعين كيسا فى السنة بواقع كيسين لكل وليمة.
وبعد الفراغ من تناول الثلاثة آلاف صحن من الطعام وبعد إحقاق الحق فى عدة دعاوى دفعت مرتبات الفرق المختلفة فى مجلس الباشا وعلم المستحق من غير المستحق ، والديوان فى ذلك اليوم على هذا الحال ، وقدم أعيان القاهرة زرافات زرافات للتبريك ودام الحال على هذا ثلاثة أيام والناس يأتون لزف التهانى للباشا كأنهم البحر.