ذكر موكب العادلية والولائم الربانية
والديوان العثمانى وأفراح القاهرة المعزية
وفى اليوم التالى قدم الباشا إلى العادلية فى موكب عظيم استغرق خمس ساعات ، ونزل فى سرادق سلطانى غاية فى الفخامة والأبهة ، وعفر كبير معدى السماط جبينه على قدم الباشا ودعى الباشا إلى المأدبة قائلا : نحن عبيد فى خدمة مولانا السلطان ، فليتفضل مولاى إلى الطعام.
وجلس الباشا على رأس السماط وعلى يمنته أمير الحج وعلى يسرته دفتر داره ، وجلس الأمراء وبكوات الشراكسة وأغوات الأوجاقات السبعة وسائر قدامى الفرق العسكرية يتناولون الطعام ، وعقب الفراغ من ذلك دعى شاويشية الموكب جميع الأغوات لحضور الديوان واعتلى الباشا منصة العدل فى العادلية وعزفت الموسيقى العسكرية وأقيمت الدعاوى وفصل فى الخصومات ، ثم رفع الديوان على أن يعقد فى اليوم التالى. ونادى شاويشية الموكب فى الحضور ونبهوا عليهم إلى أن الإقامة ثلاثة أيام وثلاث ليال.
وقدم أهل القاهرة إلى ساحة العادلية بخيامهم صغيرة كانت أو كبيرة ، مستأجرة كانت أو مستعارة وأقاموا خيامهم تلك ومكثوا فيها. وأقيم فى هذه الساحة عدة آلاف من الخيام فأصبح كذلك أشبه شىء بمعسكر عظيم للجيش ، وفى تلك الأيام لم يبق أحد فى بيته بالقاهرة وازدانت ساحة العادلية والطوبخانة وساحات سبيل علام والغورية بالخيام والسرادقات المزينة وكأنها روضة ورد يغمرها مظاهر السرور والبهجة ليل نهار وازدانت كذلك بآلاف القناديل فأصبحت تلك الليالى كأنها ليلة القدر ، أما نهارها فنهار العيد. وأقيمت الألعاب النارية فى سماء العادلية وأطلقت آلاف المدافع والبنادق من الخيام هز دويها الأرض والسماء ، وعلق على أعمدة الخيام والسرادقات ما يقرب من ثلاثة آلاف قنديل ، وشكلت هذه القناديل صورا جميلة كالشمس وخاتم سليمان والقصور وبدت كأنها نجوم.