وخاف المصريون من أحمد باشا الدفتردار فى هذا المكان ولم يقبل حبة قمح من أحد وتصدق كل أحد حسب استعداده ومقدرته وفصل فى الدعاوى مثل القاضى عسكر.
وعندما نزل الباشا إلى حجرته نحر مائتين من الغنم وخمسين عجلا وعشرة جمال والتهمها البدو والفقراء المعدمون وغادر الباشا الصالحية وعندما بلغ «أم القرين» وزعت الهدايا على جميع الجند كأنها فيضان النيل ، وأقام كاشف الشرقية مأدبة عظيمة للباشا ، وبعد الفراغ من الطعام امتطى الباشا صهوة جواده المطهم وبلغ قصبة «أم القرين» ، وأقام هناك فى سرادق جميل عقد فيه الديوان كذلك ونال الهدايا من أغوات الأوجاقات السبعة. وسوف نصف هذه الهدايا عند حديثنا عن قانون مصر فيما يختص بالتشريفات.
ولقد خرج أهل أم القرين لاستقبال الباشا عندما اقترب منها الباشا ، كما استقبله كذلك الروزنامجى وكل أرباب الديوان وبكوات الشراكسة وأغوات الأوجاقات السبعة وقبّل الجميع يد الباشا ، وانعقد الديوان فى مدينة بلبيس كذلك ، وحيث إنها تعد مقرا لكاشف الشرقية أقام وليمة عظيمة للباشا أنفق عليها خمسة عشر كيسا ودامت هذه الوليمة أربعة أيام. وفى هذا الديوان أصبح شيخ العربان عايد (صاحب الدرك) ، ولكى يتم عبور عساكر الإسلام فى سهولة ويسر ثبت هذا الشيخ فى منصبه كرئيس لقبائل عايد ونال خلعة فاخرة. وقد أحضر خمسة جياد فارهة.
ثم غادر الباشا أم القرين وفى طريقه إلى «الخانكاه» أقبل عليه أمير الحج والدفتردار وأرباب الديوان وتوجه إلى «الخانكاه» فى موكب عظيم وهناك عقد ديوانا عظيما ولأنها أرض كاشف قليوب أقام كاشفها الولائم العظيمة للباشا ومن معه وقدم إليه خمسة برازين يصل ثمن كل واحد منها إلى ألف قرش ، وفى هذا الديوان خلعت خلعة فاخرة على شيخ عرب الدشيشة وثبت فى مشيخته ، وجاءه الكثير من أعيان القاهرة ، والتقوا مع الباشا ، وعندئذ قدم القائم مقام فى موكب عظيم وقبل يد الباشا وقدم إليه الهدايا من الجواهر ، وقدم للقائم مقام القهوة والشراب والبخور ، ثم عاد ثانية إلى القاهرة وفى معيته الشهر حواله. وقدم الكثير من أعيان القاهرة كذلك لتقبيل يد الباشا.