وأتم الخطيب وعظه وإرشاده وبعد الفراغ من الدعاء صافح الباشا الإمام والخطيب والمشايخ ونالوا آلاف ال «پارات» منحة منه.
وعندما استوى الباشا على كرسيه فى ديوان الغورى مع موكب قليل العدد ، صفق جميع جاويشية الديوان له وجلس الباشا على رأس سماط عظيم عليه ثلاثة آلاف صحن مذهب وممسك فيه أطايب الطعام ، وجلس على يمنته أمير الحج والقائم مقام بك وغيرهم من البكوات ، وجلس على يسرته الدفتردار بك وأبو الكلام وأغوات الأوجاقات العسكرية وأغا العزب. أما الجبه جى باشى (١) ورئيس المدفعية ورئيس مركبات المدفعية والمحتسب أغا والصوباشى وكتخدا الجاويشية ورئيس المتفرقة ورئيس التراجمة هؤلاء كانوا يقومون على خدمة الديوان السلطانى ولم يجلس منهم أحد على السماط مع الباشا.
ثم ألقى الباشا قطعا من الكباب والدجاج والحمام على من بجانبه يتناولون الطعام فمن كان يلبس العمامة المجوزة وقعت عمامته عندما سقطت عليها قطع الدجاج واللحم فكان يكتم ضحكه ، ومنهم من كانوا يبتسمون إذا ما تعلقت أجنحة الحمام بلحيتهم وعلى هذا النحو قسم الباشا الطعام على من حوله وعندما قالوا «بسم الله» بدأوا يتناولون الطعام. وفى ساحة ديوان الغورى العظيمة قدم ألفا صحن من الطعام.
وفى الساحة العظيمة لديوان الغورى قدم ١٢٠٠٠ صحن من الطعام التهمها الانكشارية وأرباب الديوان فى طرفة العين ، حتى إنه من صوت الآكلين وصوت الأطباق النحاسية سمعت القاهرة ما يشبه الرعد ، ثم قام مائتان من خدام موائد الباشا برفع الصحون فكوموا منها تلالا تلالا ، ونظفها فراشو الديوان معهم. بعد ذلك دعوا الباشا إلى سماط آخر ودعى إليه كذلك بكوات الشراكسة وشيوخ الأوجقات السبعة ورؤساء السبعة وسبعين إدارة للديوان ، وألقى الباشا عليهم كذلك قطعا من اللحم فأسقطت عمائمهم عن رءوسهم وحار البعض فى خجله.
وكان إذا ما قال الباشا «فليجلس رئيس المتفرقة وكتخدا الشاويشية والترجمان أغا» ، جلسوا ثم وقفوا وتولوا خدمة المدعوين ثانية ، ثم دعو الاختيارية أى القدماء. أما
__________________
(١) مسئول الأسلحة والذخيرة.