الفصل الحادى والخمسون
الموكب الرابع فى مصر وهو موكب العيد ومظاهر البهجة والسرور
والموكب الأول فى مصر هو موكب «دخول وزير مصر إليها» والموكب الثانى هو موكب الاحتفال «بقطع النيل» والثالث «موكب ليلة المحتسب» ، أما الموكب الرابع فهو موكب عيد الفطر المبارك ، وهى الأيام التى تصبح فيها حسان الدنيا فى أجمل وأبهى زينتهن ، ونساء مصر يذهبن لمشاهدة مظاهر الاحتفال بهذا العيد ويعقد زواجهن شريطة ذلك. والشأن فيه لا يختلف عن الشأن فى موكب ليلة المحتسب فلا يمكثن فى منازلهن فى ليالى هذا الموكب.
ولعقد ديوان موكب عيد الفطر المبارك ووقفة عرفات ، أقام رئيس فرقة الموسيقى العسكرية السرادقات العظيمة فى ساحة قصر الباشا وأقام مظلة لأفراد فرقته وزين هذه الساحة وفى تلك الليلة أحضر مع أربعين من رجاله الطبول العثمانية السلطانية ، وعزفوا المقطوعات الموسيقية فى اثنى عشر مقاما حتى مطلع الفجر ، وقدمت القهوة الفاخرة والمشروبات والبخور لكل الأغوات الذين حضروا فى السرادقات.
وطلع الفجر عليهم وهم على هذا النحو. وأدى وزير مصر صلاة الفجر فى قصره وفرش ساحة قصره من الخارج بالحصير وصلى جميع الأشراف والأعيان وأرباب الديوان ركعتى سنة الفجر فى تلك الساحة. ثم قام مؤذن الديوان بتصعيد الآذان وتلى الآية الشريفة الخاصة بالعيد وهى : (رَبَّنا أَنْزِلْ عَلَيْنا مائِدَةً مِنَ السَّماءِ تَكُونُ لَنا عِيداً لِأَوَّلِنا وَآخِرِنا وَآيَةً مِنْكَ) المائدة : ١١٤.
وأقيمت صلاة الصبح ورفعت جميع البسط والحصير ، ووقف جميع أعضاء الديوان كل منهم فى مكانه حسب رتبته ، وأعد كتخدا الباشا واثنى عشر من الأغوات من ذوى الرتب العالية خلع فرو السمور والعمائم ، ولبس الباشا عمامته السليمية المزينة بالجواهر وقبائه الأحمر المزين بالفرو وعلى يمنته ويسرته السلحدار والجوقدار (١) وعندما هم الباشا بالخروج جاء الكتخدا ليقف على يمنته ووقف على يسرته «الشهر حواله» ،
__________________
(١) الجوقدار : المسئول عن الملابس الصوف.