الفصل الخمسون
طوائف الحرفيين ممن لا وجود لهم فى القاهرة
والموجودين فى البلاد الأخرى
ثمة مثل له عظيم الشيوع والانتشار بين العلماء والعارفين وهو أن فى مصر كثيرا من الخيول ولكن لا وجود لبيطار ماهر ولا وجود إلا لبيطار الحمر. والمرضى كثير ولا وجود لطبيب ، والعميان كثير ولا وجود لكحال. وهذه الأقوال صحيحة لا تتجافى عن الصواب. وإذا اتفق أن مرض رجل من اثنين ورمدت عينه قيل له فى المثل : إذا لم ير أحد شيئا جليا قيل له إن عينه تشبه عين ابن العبد المصرى. وحقيقة الحال بأمر الحى المتعال أن من يولدون فى مصر لآباء من الترك تضعف أبصارهم وتسيل دموعهم.
ويقولون لا وجود لحاكم وهم لا يجعلون الحكم للشرع والعرف وكل شىء مصون. إلا أن الوزير كالملتزم فقط يحصل مال السلطان.
ولا وجود كذلك لطواحين الماء ، ولا وجود لّلحمة أى نبع للماء الحار ولكن الآبار كثيرة. ولا وجود لميزان خاص بالدقيق والزيت والعسل ويوجد ميزان للحرير ومصانع الشمع ومصانع الصرمة ودور الوشم ووكالات الرقيق والبزازين.
وهذه الطوائف الحرفية موجودة إلا أنها ليست لها الصفة الرسمية.
إن سوق البز كأنها خان الخليلى ، ولا وجود لدكان خاص ببائع الدقيق ولا ببائع الغلال ، ولا وجود لدكان صانع البوصلة ، ولا لمعمل الأوتار. ولا وجود لبائع البضاعة الدقيقة ، ولا وجود لصانع السلطة. ولا دكان لصانع الدروع ولا لصانع التروس ، ولا وجود لدكان الجل ولا وجود لدكان صانع الطبنجات ولا لصانع البنادق. فالدروع والخوذ تأتى من بلاد الشركس وداغستان. أما الترس فيأتى من حلب ، والجل يأتى من كل البلاد والبنادق والطبنجات تأتى من الجزائر.
ولا وجود لدكاكين وزّانى الحديد ولا النحاس ولا دكاكين لصانع المثقاب ، ولا لصانع المطرقة ولا المنشار. ولا دكاكين لصانعى الكشتبان والإبر ، ولا دكاكين لمدربى