فتهتز السماء والأرض وتزدان الثمانمائة وستون منارة فى مدينة القاهرة فإذا هى نور على نور ، ويمضى كل شخص لأداء صلاة التراويج وينوون الصيام.
وإذا سأل المحتسب أغا قاضى العسكر أفندى ولم يشاهد الهلال ، فإن القاضى عسكر ـ طبق القانون ـ يبسط سماطا ليسد جميع الأغوات والأعيان وأرباب الديوان جوعتهم ، ويمر جميع أفراد الطوائف الذين فى فناء قصر قاضى عسكر أفندى من أمام مجلس المحتسب أغا وقاضى العسكر حاملين زيناتهم. ثم يطلق اللاعبون بالألعاب النارية سبعين قذيفة كقذائفهم فى يوم الإحتفال بقطع النيل ، وتستمر عروضهم ثلاث ساعات ، وعندما ينتهى موكب المغنيين والموسيقيين يبدأ موكب جند الأوجاقات السبعة فى التحرك لإخبار الباشا بأن هلال رمضان لم يشاهد من أى جهة إلى تلك اللحظة ولا تضاء القناديل ولا يكون يوم تلك الليلة رمضان وإنما يوم الشك. وبما أن هذا الأمر يحتمل وجهين يخبر المحتسب حتما الباشا بذلك.
وعندما حانت لحظة الوداع خلع المحتسب أغا على القاضى عسكر أفندى خلعة أرسلها إليه الباشا لأن القاضى عسكر فى تلك الليلة أنفق ألف قرش فى ضيافته تلك. وعلى هذا النحو مضى المحتسب أغا ثانية إلى الموكب وعاد إلى منزله قبيل الفجر ، وعندما نزل عن صهوة جواده تبادل شيوخ الطوائف الفكاهات قائلين «طريق طريق» ويمضون فى شوارع القاهرة فى ضجة وجلبة كما مضى الشيوخ إلى بيوتهم وعاد الجميع إلى ديارهم. وعندما وصل المحتسب فى موكبه إلى داره جلس على كرسيه وبعد أن وزعت القهوة والبخور على أغوات الأوجاقات السبعة منح طائفة العسكر ـ على نحو ما سبق ذكره فى تعريفات الطوائف العسكرية ـ كيسين ومضى جند مصر جميعا. ثم منح أغوات الباشا كيسين ليوزعوها فيما بينهم وكيسين لتقديمهما إلى الباشا ونصف كيس للكتخدا كما وزع المحتسب أغا العمائم على اثنى عشر من أصحاب المراتب من أغوات قصر الباشا تطييبا للخاطر.
وعلى هذا النحو انتهى موكب ليلة المحتسب أغا. والمنح التى قدمها المحتسب أغا للباشا والكتخدا وأغوات الباشا وأفراد الأوجقات السبعة فهى من الأكياس العشرة التى جمعها ممن تحت إدارته من طوائف الشيوخ الثلاثين أصحاب الطبل خانه ومن