ويتفرع النيل تسعة أفرع ، وكل فرع منه يتجه غربا حيث ممالك السودان وفاس ومراكش ، بيد أننى لم أبلغ تلك الجهات. إلا أننى بلغت الأماكن الواقعة فى المنطقة الاستوائية جنوب النيل عند خط عرض ٢ درجة وخط طول ١ ، وسوف أكتب عنها تفصيلا عند الحديث عن سياحتى فى بلاد الفونج. ومن عجب أن تكون سياحتى هى سيرتى.
والأفرع التسعة للنيل التى تجرى غربا فى ممالك فاس ومراكش طولها جميعا ألف فرسخ وتصب فى المحيط ، وسألت عن ذلك بعض الأشخاص الذين بلغوا بلاد الفونج ، فقالوا إن التمساح لا يوجد فى تلك الجهات من نهر النيل.
وفى عهد خلافة السلطان المؤيد مضى بعض التجار إلى منبع النيل مرارا ، وكانوا يصلون إلى هناك فى ثمانية أشهر واشتروا سلعا من هناك وعادوا. وأهل بلاد الفونج (فونجستان) يبلغونه فى أربعة أو خمسة أشهر ، ويبيعون سلعهم للبرتغاليين والفرنجة ثم يعودون إلى فونجستان كذلك فى أربعة أو خمسة أشهر.
ولأن ملك فونسجتان هذه على مذهب الإمام مالك ، فهو راسخ الاعتقاد فى الشيخ البكرى فى مصر ، ويزوره رجاله على الدوام.
وبناء على هذه الآصرة يرسل ملك فونجستان إلى الباشا فى مصر سفراءه حاملين الهدايا من تروس من جلد الفيل وسن الفيل وقرون وحيد القرن وجلد الضب وخشب الأبانوس والزباد. وشعب الفونج يستوطن ساحل النيل ، غير أن ساحل النيل فى تلك البلاد قليل العمران. لأنهم قوم كثيرو الترحال.
أما المناطق المستبحرة العمران فتمتد من قلعة الصاى ومدينة در وقلعة إبريم وولاية الشلال ، وأسوان ، وإسنا ، ومدينة قوص ، ومدينة قنا ، وتوره ، وجرجا وبقية المدن سالفة الذكر حتى مدينة القاهرة ومدن دمياط ورشيد. وهذه المدن جميعا واقعة على ضفتى نهر النيل.
وقد وردت أماكن العمران فى مصر وتضاريسها برا وبحرا فى كتب الهيئة لبابا مونطه وأطلس ومينور وفى تواريخ الخطط.