(السلام عليك يا أمير محمود ، يا شريف أحمد ، يا سيدى على ، أو يا أمير الأمراء الكرام) وهكذا ينادون أصحاب البيوت بأسمائهم. وعلى هذا النحو يبلغون الناس بأن ماء النيل المبارك زاد بمقدار ذراع وستة أصابع أو بمقدار ذراعين وثلاثة أصابع أو بأى زيادة أيا كان مقدارها ، ويجود عليهم كل شخص قدر مقدرته ، وعلى الرغم من أن هؤلاء المنادين يتقاضون دينارا ذهبيا عن كل يوم لكل واحد منهم ، يحصلون كذلك الأموال من الناس.
ولشيوخ أم القياس ومناديها الثلاثمائة وستين كشوفية مقدارها () (١) باره من المال الأميرى ويسددون الضرائب.
وفى إقليم مصر ٢٧٦ بلدة وميناء ، وعندما يتوجه المنادون إلى جميع المدن فى مصر ، يستأذن منادى مصر من الباشا ويسدد عوائد الكشوفية ويحمل أوراقه ويمضى من ولاية إلى أخرى ، فلا يستطيع أن يخبر الناس بمقدار ما ارتفع من ماء النيل.
وفى مدينة القاهرة ٢٠٦٠ حديقة يبسط هؤلاء المنادون سيطرتهم عليها لأنهم يزفون البشرى كذلك إلى بستانيى النيل ، لأن كل البساتين فى حاجة إلى النيل ، ولذلك فإن جميع الحدائق والحقول تخضع لنفوذهم. وإذا ما احتاج الباشا وأعيان مصر إلى البنفسج والورد والسنبل والعنب ، وما إلى ذلك من الثمار فذلك متوفر لديهم.
وعلى مدار أربعة وثمانين يوما ينادى المنادون عن منسوب النيل. وإذا ما بلغ منسوب النيل عشرين ذراعا يقولون : (استوى الماء والخشب) : أى أن ماء النيل أصبح مستواه فى مستوى جسر الخشب الذى يعلو العمود المدرج الموجود فى حوض أم القياس.
وإذا ما بلغ أربعة وعشرين ذراعا نادوا قائلين : (من الجبل إلى الجبل) ، والمقصود بذلك أن النيل زاد وأصبح فى مستوى سفح جبال الأهرام فى مدينة الجيزة بغرب القاهرة ، وهما جبلان كبيران وجبل صغير من صنع بنى الإنسان ، ويسميها الناس الأهرام أما العوام فيسمونها جبل فرعون ، وإذا ما ارتفع ماء النيل إلى سفحها قالوا (من الجبل إلى الجبل). أما المصريون فيقولون الحمد لله يكفى يا رب يكفى لأنه إذا ما ارتفع ماء النيل بمقدار أربعة وعشرين ذراعا إلى هذه الجبال وزاد عن ذلك بمقدار خمسة وعشرين ذراعا
__________________
(١) بياض فى الأصل.