العظيمة طوال سبعة أيام وسبع ليال ، كما يولمون للباشا ولائم عظيمة ، وبعد الفراغ من تناول الطعام يخلع الباشا على أغوات الفرق السبع وكبير جاويشية الانكشارية صاحب الوليمة اثنتى عشرة خلعة فاخرة ، كما يمنح الباشا خدام كبير الجاويشية مائة قرش ، إلا أن جان بولاد زاده لم يكن يخلع على أحد خلعا سوى كبير الجاويشية ، ويمنح رئيس الجاويشية كيسا من القروش ، وهؤلاء لا يمنحون الباشا فرسا ولا غير ذلك.
ثم يركب الباشا سفينة العقبة ، ويمضى بها فى النيل وهو يشاهد ما على ضفتيه إلى أن يصل إلى (القصر العينى) ، ثم يأتى بعده جميع الأشراف والأعيان من الانشكارية وجاويشيتهم ، ويولم الباشا وليمة عظيمة فى أم القياس ، وتقام الولائم كذلك فى أربعين موضعا ، وعلى كل وليمة مائتا صحن ، وبعد الطعام والدعاء والثناء وإحراق البخور يشربون الأشربة وينصرفون.
وبعد العصر يقدم جميع علماء مصر وصلحائها وأئمتها وخطبائها ومشايخها العظام ، وتقام لهم وليمة خاصة يعجز عنها الوصف ، لأنه عندما يقدم العلماء يمتلئ جامع أم القياس بالعوام والانشكارية ويطلق عند مجىء كل منهم عيارا ناريا تحية للعلماء ، وينال الانكشارية كيسين صدقة من كبير جاويشيتهم ، ويمضى قرابة ألفين من الأوداباشية والبكوات إلى حال سبيلهم.
ولكن بما أنها ليلة الجمعة فالعلماء لا ينصرفون قط ويحيون الليلة حتى مطلع الفجر فى قراءة المولد. وأثناء قراءة المولد يقوم كبير الجاويشية بتوزيع الحلوى وإحراق العود ، وفى الصباح ، وهو صباح يوم الجمعة يبسطون سماطا خفيفا لتناول الفطور ، وبعد تناول طعام الفطور يمضى جميع العلماء إلى حافة حوض أم القياس ، وهناك يرفع الدعاء الشيخ ابن الرداد شيخ أم القياس ، ولأنهم جميعا من المسلمين فليس لأحد ما يشغله فى ذلك اليوم ، وتدوم الولائم فى أم القياس وكسح حوضها ثمانية أيام بلياليها ، أما كل من يكون فى منصب رئيس الجاويشية فإنه يفلس لأن له ميزانية قدرها عشرة أكياس مصرية ، ويكون ذلك مصيبة عليه لأنه فى هذه الولائم طوال ثمانية أيام وثمانى ليال يقوم مائتا طاه بإعداد الطعام ، ويقدم ألف خروف وخمسون ألف دجاجة ، وخمسون ألف حمامة ، وألف ألف رغيف ، ومائة ألف كعكة ، وهذه النفقات لا يعلم مقدارها إلا الله.