الفصل الثالث والأربعون
أوصاف مدينة (الفسطاط القديمة)
أى : مصر القديمة أم الدنيا العظيمة
كم من آلاف المجلدات ، والكتب القيمة تتضمن أوصاف مصر القديمة ، ووصف فيها استبحار عمرانها ولكنى أذكر ما شهدته بعين رأسى من مظاهر عمرانها. فبعد الطوفان عمر مدينة الفسطاط (البود بن قفط بن بيطار بن حام ابن سيدنا نوح النبى (عليهالسلام) وكان أبو البود هذا أول من أجرى النيل أمام تلك المدينة ، وفى تلك الحقبة من الزمن كان النيل يسمى (بلون) ، وفى أيامنا هذه يسمى أهل النوبة النيل (جربلون) ، وكانت الفسطاط مدينة عظيمة يمتد عمرانها من الغرب إلى الجنوب بقدر ثلاثة منازل ، بيد أن (بخت نصر) خرب دمشق والقدس وبلبيس فى أرض حاسان وكذلك الفسطاط ، ثم عمرت مرة أخرى ، وفى عصر الرسول صلىاللهعليهوسلم تحالف (هرقل) قيصر الروم مع الأسبان والفرنجة ، وفى فيضان النيل دخلوا مصر من دمياط ورشيد بألف سفينة ، وانتزع اليونان مصر عنوة من يد المقوقس ، وأوقفوها على كنيسة (آيا صوفيا) بالقسطنطينية.
أما أول من بنى مصر القديمة (نقراوش مصرايم) أحد أبناء سيدنا آدم عليهالسلام.
وبعد طوفان نوح تزوج بيطار بن حام بن نوح عليهالسلام بابنة (قليمون الكاهن) ، وقدم العريش بإذن من نوح (عليهالسلام) ، ثم قدم بعد ذلك إلى بلبيس ومصر ، وما عمروه مذكور آنفا ، لكنى سوف أذكر ما هى عليه الآن.
إنها مدينة قديمة على بعد ساعة من القاهرة فى إتجاه الجنوب على ساحل النيل تمتد من ساقية الغورى إلى نقطة تحصيل الجمارك ، وهى تمتد من الجنوب إلى الشمال بمقدار ألف وثمانمائة قدم ، وفيها قصور عالية من خمسة طوابق أو أكثر.
وعرض هذه المدينة يبلغ ثلاثمائة أو أربعمائة أو خمسمائة قدم ، ويبلغ فى بعض الجهات ستمائة قدم ، وتطل أماكن جميلة فيها على النيل.