ويعلو هذا الضريح قبة منقوشة داخلها وخارجها ، وطول الحجر فيها ذراع ، والقبة ليست مكسوة بالرصاص ولا الجص ، ولهذا الضريح فناء يحيط به جدران كجدران القلعة ، وتضم ما يربو على مائة حجرة ، وقاعة ودار للضيافة ، وزوايا ، وقصور عالية لاستراحة الباشوات ، ومخازن للأطعمة ومطبخ ، ومقهى ، وساقية ، وحوض ، وأسبلة ثلاثة ، وخارج هذه الأسوار قصر عال لطومان باى يسمى قصر العادلية ، وكان طومان باى يمضى إلى هذا القصر مرة فى الأسبوع ، يعقد فيه ديوانا لإقامة العدل بين الناس ، إنه مكان للعدالة ، ومبرة.
جامع السلطان الطويل
جامع ذو منارة ، ولكنى لم أدخله ولم أشاهد ما فيه ، إلا أنى فيما بعد دخلته وصليت فيه ودونت معلومات عنه تيقنتها.
وكم فى مصيف قايتباى هذا من جوامع ومنارات ومساجد ومدارس وتكايا وخانات وحمامات وأسبلة وسواق ومؤسسات خيرية كلها تخرب ، وكانت قديما مدينة عظيمة تعادل مدينة القاهرة ليعمرها الله.
ومصيف قايتباى هذا وإن كان خربا ، إلا أن جوه لطيف إلى حد جد بعيد ، والآن يسكنه الذواقة من الناس مع أبنائهم فى أيام الخماسين المشئومة ، وتدوم لهم الإقامة فيه شهر أو أكثر ، ويولد لهم التوائم ، ويأتون بالمرضعات لأبنائهم فتصبح عيونهم كعيون الغزلان من تنسم نسيم هذا المصيف ، أما من يولد لهم فى مدينة القاهرة فتصبح عيونهم مثل عيون أبناء العبيد وهذا الكلام فى مصر مثل يضرب أى أن أعينهم تصبح (جمروز).
وفى مصر أيام الخماسين إذا ما وقع الرجل على زوجته أولدها طفلا مصابا بصنوف الأمراض ، والأجنة فى شهرهم الخامس أو السادس يتقرح أعلى أمخاخهم ، ويخرج ما بداخلها مثل (البوزة) ، وتفوح منها رائحة تشبه رائحة الخل ، ويهلك الجنين.
أما الأطفال الذين يربون فى مصيف قايتباى هذا فبمنأى عن هذه الآفات.
إنه مصيف لطيف طيب الجو ، ولذلك يشد إليه الرحال.
* * *