الفصل الأربعون
ذكر البرك التى تشبه البحار داخل مدينة القاهرة
ـ بركة الأوزبكية :
مما لا ريب فيه أنها أعظم برك مدينة القاهرة ، محيطها أرض تقطع فى ساعتين ، وعندما يفيض النيل تمتلىء بالماء وتموج كأنها اليمّ. وكم من مئات القوارب التى تحمل الناس من دار إلى دار ومن قصر إلى قصر ويصيدون منها أنواع السمك ، وكم فيها من قوارب تعرف (بقوارب أبى الخير) وهى قوارب كبيرة فى جوفها دكاكين بها كل ما يشتهى من مطعوم ومشروب ، وتمضى هذه القوارب من دار إلى دار ومن قصر إلى قصر لبيع المطعوم من البقل إلى الفجل. وحول بركة الأوزبكية هذه حدائق ذات مقاصير وقاعات وممرات ومقاعد ومعروشات ، وفى هذه الحدائق قصور كقصر (الخورنق) ، ومنازل ذات نقوش وكأنها نقوش الصين.
إنها بركة عظيمة على جوانبها الأربعة جوامع حولها مروج ، وكل من هذه الجوامع من خيرات ملك من ملوك السلف ، يقصر اللسان والبيان عن مدحه ، إنها جوامع تكسب البركة بهاء.
ـ القصور الواقعة على ضفتى البركة :
وعلى ضفة هذه البركة قصر (رمضان أغا) أمين الأنبار (١) وهو أعظم القصور العالية ، وقصر باقلاجى محمد بك أمير جدة ، وقصر مصطفى أغا ، وقبالته على الجانب الشرقى قصر قاسم بك قپودان (٢) السويس ، وقصر حسام زاده ومئات من القصور الأخرى ، أما أعظم هذه القصور قصر سيدى الشيخ البكرى زاده عزيز محمد أفندى ، وقد ورثه عن أجداده العظام.
إنه قصر عظيم كائن فى الركن الجنوبى للبركة ويتألف من ٣٦٠ حجرة مزدانة بالمقاصير والأحواض والشادروانات والقاعات المختلفة ، وفيه بيوت أخرى للضيوف
__________________
(١) الأنبار : مخازن الغلال. ومنها أنبار يوسف عليهالسلام ، وهى مشهورة بجنوب القاهرة.
(٢) قبودان : قائد أسطول بحرى.