القصابين رأس الثعبان وذيله بيده اليسرى وهوى بالساطور عليه مرة واحدة بيده اليمنى ، فتلوى الثعبان على الرخام بلا رأس ولا ذيل وبقى رأس الثعبان وذيله فى يد كبير الصيادين وبظهر الساطور أخذ يسحق رأس الثعبان وتركها على الرخام وردد الحضور فى المجلس «لا إله إلا الله» وقبض كبير القصابين على الثعبان الذبيح ونحى ذيله ورأسه جانبا بثلاثة أصابع وقطعه ثم جاء قصاب آخر وحمل الثعبان المقطع وشق بطنه بسكين من ذهب وأخرج أحشاءه وبيضه وألقى به إلى قصاب آخر فقام بنزع جلد الثعبان بأظافره وسلخه من رأسه إلى ذيله فأخرج قطعة من لحم أبيض ، وظل الثعبان يتلوى وبعد ذلك أمسك به أحد الأطباء وتنتهى مهمة القصابين عند هذا الحد ، ويأخذ مساعدو كبير الأباء الثعابين المسلوخة ويغسلونها جيدا فى ماء تلك المواجير سالفة الذكر ويملحونها ويضعونها فى الأوانى المبطنة بالزجاج حتى تمتلئ ثم يضعونها على النار وعندئذ أمسك كبير الأطباء الساعة وأحرق خشب السنط تحت الأوانى والجميع يوحدون الله وهم خاشعون ، وعندما أخرجوا بعض الثعابين من الزنابيل بصقوا فى أفواهها ووضعوها على الأورمة فتلوت الثعابين حتى ذبحوها.
والحاصل أن اثنى عشر صيادا وقصابا ذبحوا ثعابين الزنابيل العشرة جميعا واحتفظوا بأذيالها ورءوسها ليصنعوا منها دواء آخر ولهم زجاجات كبيرة للقطرة يملؤنها بها. ولكنى ألححت فى السؤال إلا أنهم لم يجيبونى إجابة شافية ولست أدرى إن كنت على صواب فى قولى إنهم يستخرجون ما فى رءوس الثعابين من سم لتصديره إلى بلاد الفرنجة ، فقد أرسلوا إلى ملك «دونقاقيز» ما يقرب من ألف رأس ثعبان سلكت فى خيط على سبيل الهدية ، فسرّ الملك بذلك وأرسلها لأحد ولاته.
عبرة عظيمة عند تحضير الترياق الفاروقى
عندما كان القصابون يذبحون هذه الثعابين ولم تكن ضربة الساطور فى موضعها وأصابت جزءا من الرأس أو الجذع أو الذيل سرعان ما يثب إليهم كبير الأطباء قائلا لهم : «ارموا الحية ارموا الحية!» ولم يرموها مع أحشاء وبيض الثعابين الأخرى وتركوها فى مكان آخر ، وفى هذه الحالة أصبح الثعبان فى غلظ الذراع وانتفخ وكان من قبل