الرأس فى غلظ الأصبع ، ولعدم ذبحه على الطريقة الصحيحة أثر ما فى رأسه من سم فى جسمه فانتفخ. ولذلك صاح كبير الأطباء وأمرهم أن يلقوه من يدهم وألقوا كذلك الأورمة والساطور وجاءوا بأورمة أخرى وساطور أخر.
واقتضت حكمة الله أن خمسة وستين ثعبانا مما كان فى العشر سلال لم تذبح جيدا فى ذلك اليوم ورميت مع آلاتها ، ولكن هذه الثعابين التى ألقيت لا تحسب على الوقف ولكنها تحسب على الصيادين والقصابين وتحسب تحت حساب وظيفتهم وتلك ظاهرة عحسة.
عبرة أخرى
كوم القصابون بيض وجلد وأحشاء تلك الثعابين كالجبال وذروا عليها الملح الناعم لتمليحها وعندئذ صرخ أحد القصابين وجذب يده وجعل يتأوه ويصيح قائلا : وا ولداه وفى التو أحضر كبير الصيادين ثلاثة ثعابين من التى غسلت فى المواجير وربطها على أصبع الرجل وفى الحال تورمت الثعابين الثلاثة وأصبحت فى غلظ الذراع ، ثم رفعها وجاء بثلاثة ثعابين أخرى وربطها على جرح الرجل إلا أنها لم تتورم وتغير لونها فرفعها كذلك ثم وضع أصبع الرجل فى فمه وامتص موضع الجرح وبصق بصاقا أصفر على الأرض ومسح يد الرجل بمصل الفاروق الأعظم المخفف ، وبذلك سكن ألم الرجل ونجى من التسمم ونفخت فيه روح جديدة ، ولعلهم كانوا قد تركوا سهوا رأس وذيل أحد الثعابين التى لم تذبح على الطريقة الصحيحة بين أحشاء وبيض الثعابين الأخرى ، بعد ذلك بينما كان القصابون يملحون أحشاء وبيض الثعابين بالملح ، أصاب السم الذى فى الثعبان الذى لم يذبح بطريقة سليمة أصبع الرجل وعولج الرجل على نحو ما سلف ذكره وكتبت له النجاة.
وخلاصة القول أننى لم أصادف أحدا فى شجاعة وعنف وقسوة هؤلاء الصيادين والقصابين حاشا أن يكون هؤلاء من البشر. ولو أنى رأيت ما تستفاد منه العبرة ولكنى لم أكن فى وعيى فى أى دقيقة ولقد قدمت على مشاهدتى ذلك.