مرتفعا واندفعت الثعابين يمينا ويسارا وهاجت وفحت واصطدمت بالجدران وانتشرت حول الحاضرين فجمعها خدام كبير الأطباء والصيادون فى مكان واحد وكانت لهم زنابيل من الصوف الأصفر ، وعندما وضعوا الثعابين فيها هدأت ولم تعد تحرك ساكنا ، وجلس كبير الصيادين مع ثلاثة من رجاله إلى جانب أورمة وحملوا سواطيرهم وأخرجوا الثعابين من الزنابيل الواحد تلو الآخر وضموا نوعا من الثعابين البيض إلى غنمهم وقد انتشيت من شذا مسك هذه الثعابين ، فسألت كبير الأباء عنها فردّ علىّ قائلا : إنها ثعابين المسك وليست ثعابين الفاروق ونحن نصنع منها أدوية أخرى وسوف ترى الآن.
ورأيت أنهم جمعوا ثعابين بيض كثيرة فى مكان واحد وصففوا أفواه الثعابين بخيوط حريرية حمراء طويلة فى ركن ظليل وامتد هذا الخيط من جدار إلى جدار وقد علقوا فيه ثعابين المسك هذه ثم استخدموا قطعة من القطن فى وضع قطرات من زيت زيتون صوصه فى أفواه الثعابين فنفقت جميعا ، وبدأ كل منها فى الانتفاخ وبقيت هذه الثعابين معلقة على هذا الوضع أربعين يوما وليلة ، وبذلك تتكون داخل جلد هذه الثعابين حبات من المسك وقوة رائحة هذا المسك تدمى أنف من يشمها ، إنها رائحة حادة إلى هذا الحد البعيد.
وثمة ثعابين قصيرة منقوشة الجلد ورءوسها مستديرة كالجوزة وعندما وضعوها سألت عنها فقيل لى إنها «حيات الصفى» وهى من نسل الأفاعى التى أخرجت من الجنة مع آدم عليهالسلام ، وهى كذلك ليست من نوع أفاعى الفاروق وثعابين الصفى لا تخرج صغارها من البيض مثل ثعابين الفاروق ، وإنما تولد كسائر الحيوانات وهى تختلف عن خلق الحية وتلك حكمة الله ـ سبحانه وتعالى ـ.
وجملة أفاعى الفاروق التى صادوها ٨٣٠٠ سلّمها الصيادون للمتولى وقيد الكتبة والمرشدون فى الدفاتر أن سعر كل ثعبان ٨٠٠ قرش ، وبعد ذلك جلس كبير الصيادين وقصابو الثعابين الثلاثة إلى جانب أورمة وقالوا : «بسم الله الرحمن الرحيم بسم الله بنيّة الشفاء وأخرجوا ثعبانا كبيرا من الزنبيل ووضعوا وسط الثعبان على الأورمة وأمسك أحد