وكنت قد استأذنت
كبير الأطباء لمشاهدة المستشفى فأخبرونى بأنه أذن لى ، وفى التو ركبت جوادى وعندما
بلغت مستشفى قلاوون فتحوا باب الفاروق وأدخلونى ثم أوصدوا الباب ، وحتى لا تنكشف
أسرار علمهم ولأن المكان مفعم بآلاف الثعابين الفتاكة لا يدخلون شخصا غريبا.
وبيت الفاروق هذا
مدرسة عظيمة ، وكل جدرانها وأرضيتها مكسوة بالرخام ، وهى مدرسة قاصرة على علم الطب
فقط ، ولهذه المدرسة حرم تحيط به صفّات وفى ذلك اليوم انهارت هذه الصفّات وكنا
ثلاثين شخصا من كبير الأطباء والناظر أغا وكاتب الأوقاف ومرشد الأوقاف وعشرة من
نواب كبير الأطباء وداع واثنى عشر صيادا وطهاة وقصابين ، وكان عدد من دقوا الباب وأرادوا
الدخول من خارج الباب لا يدخل تحت حصر ، وكان الباب محكم السد فقالوا لى لا تخف
وأشعلوا قنديلا ، واعتليت مرتفعا وتهيأت لمشاهدة المستشفى.
وقام هؤلاء
الثلاثين وتوضأوا وصلوا ركعتين قضاء وأحضروا مائة عصى طول كل منها ثلاثة أشبار
ومائة من سواطير القصابين وهى سواطير حادة مصنوعة من الصلب الإفرنجى ومائة ماجور
من الفخار المبطن بالزجاج وكل منها يتسع لإنسان وهى مملوة بالماء الصافى وبعضها
فارغ ، وعدة صينيات من القصدير التى تعود إلى عهد قلاوون ، وأردب من الملح المسحوق
المنخول ، وخمسون وعاء كبيرا مثل أوعية الماء مبطنة بالزجاج من الداخل والخارج ،
وهذه الأوعية واسعة القاع وفوهتها تتسع لرأس إنسان ، وجهزوا كل الأوعية النحاسية
والفخارية. ولما همّ الداعى بالقيام نهض الحضور جميعا ، وبعد البسملة وحمد الله
والطرزية والتصلية قرأ الداعى الفاتحة على أرواح آل عثمان والسلطان قلاوون صاحب
هذه الخيرات والحسنات ، ولقمان الحكيم وفيثاغورث التوحيدى وسلطان الأطباء ابن سينا
وسائر الحكماء والأطباء ، ودعا الله بالخير للطبيب الرئيس والناظر أغا وكاتب رئيس
الطهاة ومساعديه وسائر الخدم ، ثم كبّر وقرأ الفاتحة الشريفة وبعد أن مسح وجهه
بيده فتح كبير الصيادين وثلاثة من قصابى الثعابين فوهة أحد الزنابيل فى وسط حرم
المستشفى فانطلقت آلاف الثعابين السامة الفتاكة فطاش صوابى واعتليت موضعا