كذلك من العرب لأن العرب لقنوا علم الطب ، وكان هذا العلم عندهم من ألزم اللوازم ، فعنه صلىاللهعليهوسلم قال : (العلم علمان الأول علم الأبدان والثانى علم الأديان). وبناء على هذا الحديث شاع علم الطب فى العرب ولقد وجد علم الطب فى عهد آدم الثانى وهو نوح النجىّ عليهالسلام ، والإسكندر الأكبر ، وفى عهد الفلاسفة فيلقوس وجالينوس ، وبعد عهد الرسالة لما كان من كرامات باهرة لكبار أولياء الله اشتهر الحكماء بالطب. وقد وقف اليونان والفرنجة على دقائق علم الطب واشتهروا بها ولكن مست حاجتهم إلى العرب لأن هؤلاء العرب بتقواهم وزهدهم وقوة علمهم إذا نزل بأحدهم مرض وعالجوه شفى بإذن الله.
وفى مستشفى قلاوون إذا ما جس مهرة الأطباء نبض أحد المرضى عالجوه بما يتفق مع حالته وكان له الشفاء بإذن الله ، لأن فى بلاد مصر فى الإقليم الأول بالصعيد والواحات والحبشة وبلاد الفونج وجبل القمر نباتات وأعشاب مختلفة ، وقد لا توجد هذه النباتات حتى فى بلاد الهند ، وتجلب هذه الأدوية إلى القاهرة ويصفها الأطباء للمرضى فيتم شفاؤهم ، ولذا كان لمستشفى قلاوون مستفيض الشهرة فى بلاد العرب والترك والعجم.
وفى أحد جوانب هذا المستشفى بيمارستان النساء ، وقد أنفق على إنشائه مال وفير ، وكل القائمين على الخدمة فيه من النسوة والأطباء يدخلونه بلا خوف ولا حرجة ، ويصفون لكل داء دواء. وقد يتفق لبعض نزيلات هذا البيمارستان من النساء الذاهبات العقول أن يلدن فيه ، ففى عهد إبراهيم باشا اتفق أن ولد لامرأة ولد فى هذا المستشفى فسموه شفائى.
وخلاصة القول أننى لم أشهد مبنى بهذه العظمة أثناء تطوافى فى البلاد.
أوصاف صنع مستحضرات الترياق الفاروقى العظيم
ليعلم الرحالة من أهل العلم بقدر ما على وجه الأرض من أطباء يصنع الترياق الفاروقى ولكن لا يحتمل أن يكون كالترياق الفاروقى الذى يحضر فى مصر لأن أقراص الترياق الفاروقى خاصة بمصر ولا وجود لها إلا فيها. وكلمة قرص تدل على عدة أشياء