رجلين ، وعلى حافة هذا الحوض مصلى ، وفوق هذا الحوض قبة سقفها منقوش يحملها اثنا عشر عمودا ، وعلى الجوانب الأربعة لهذا الحرم قاعة عظيمة تتسع لألف إنسان ، وعلى جانبى هذه القاعة صفّات ، ويعلو العقود الحجرية سقف منقوش ، وهذه القاعات مرصوفة من أولها إلى آخرها بمختلف أنواع الرخام وكأنها رسول «ارزنك» وتمتد أحواض الماء الجارى حتى نهاية هذه القاعات ، ويجرى الماء بين هذه الصفّات وتصب فى الحوض الذى يتوسط الحرم ، ولقد أنشأت أربع قاعات أخرى على نفس الطراز.
وعلى هذه الصّفّات يرقد المرضى فى ثياب النوم وتحت اللحف الحريرية ، ويستريح بعض الناقهين من هؤلاء المرضى على حافة تلك الأحواض الجارية ، ويخدمهم الخدام وكأنهم فراشات. إلا أن بعض الأخوة المجانين يستقرون فى الأركان المظلمة ، وبعضهم فى حجرات واسعة ذات أحواض وشادروانات وهم مقيدو الأعناق بالسلاسل كالأسود وبعضهم يصيحون وكأن صوتهم هزيم الرعد ، وبعضهم يلزمون الصمت والهدوء.
وبما أن جو مصر جاف فجميع أهلها سودويون ، ولكثرة مكر النساء فيها فالكثرة الكاثرة من أهلها مسحورون ممكورون. وإذا أخبر أهل حى من الأحياء الباشا عن حالة أحد ممن اختلت قوتهم العقلية أمر الباشا بإدخاله البيمارستان للعلاج ، وإذا لم يأمر الباشا بذلك لا يدخلونه البيمارستان إلا بناء على هذا الأمر.
ولأن له نفقة تصرف له فى كل يوم على الدوام لذلك يوجد فى بيمارستان قلاوون ٣٦٠ مريض ومجنون فى يومنا هذا. وفى الموضع الذى يصرف منه طعام المبرة يصرف للأطباء مع تلاميذهم الأطعمة ومعاجين الأدوية على حسب حالة كل المرضى.
وللأطباء خدّام من ذوى الجرأة ولهم طبع الجلادين. وهؤلاء الخدام يطعمون بعض الأخوة المجانين الخوشاف المسمى «قزلجق».
وإذا ما قدم هذه العتبة مريض كان قد لزم الفراش ثلاثة أعوام أو مجنون شفى من مرضه بعد أربعين يوما بإذن الله وتوردت وجنتاه ففى هذا المستشفى من الأطباء أمثال بقراط وسقراط وأفلاطون وفيثاغورث التوحيدى وأبى على ابن سينا ، وهم يحيون الموتى كأنهم المسيح. ولكن هؤلاء الأباء ليسوا من أهل المدينة فهم جميعا من الغرباء ، إنهم