مناقبه :
كنت فى حضرة الشيخ العبارى قبل أن أذهب إلى نزل أحمد باشا الدفتردار بثلاثة أيام ، وأثناء الكلام سألنى الشيخ : ماذا يعمل الباشا؟
فقلت : إنه يقوم على خدمة مكة والمدينة ويدعو لك بالخير.
فقال الشيخ مكاشفا : ربما مر بعد ثلاثة أيام بزاويتنا ويسأل عنها.
فأخذ حضار المجلس بإشارات الشيخ ، وقال بعض الدراويش : إن الباشا لا يحب الدراويش ، وبسطوا ألسنتهم فى مذمته.
فقال الشيخ : كل أمر من الله ، وبأمر الله لا بقاء للجراد فى مصر ولا بقاء للمسىء بين الناس ولن يعمر كذلك من يعيث فى الأرض سادا ليل نهار.
وهذا من كلام الشيخ فيه ما فيه من إشارات واقتضت حكمة الله أن يجتمع الجند بعد ثلاثة أيام فى ميدان الروملى مدججين بالسلاح وأعلنوا ثورتهم ، وساد الهرج والمرج. وأمام باب العزب أسقطوا من يسمى عبد الفتاح كاتب مخازن يوسف عن جواده ومزقوه إربا إربا ونادوا بإسقاط الباشا وعزلوه فى النهاية بلا سبب.
ومر الباشا مع أتباعه من سوق الصليبة ووقف خدام الشيخ العبارى لتحية الباشا وسأل الباشا الشيخ عن حاله ثم ذهب إلى قصر حاجى باشا فى موكب حيث نزل ضيفا وتذكرت ما تنبأ به الشيخ للباشا من أنه سوف يمر بعد ثلاثة أيام فى موكب وقد تحقق ذلك ، إن هذا من الكرامات.
ولم يدخل يد الشيخ ولا يد آله قط درهم حرام ولا حلال ، إلا أنه كان يقبل الهدايا من أرز وعسل وسمن وقمح وما أشبه ، وثيابه من الهدايا كذلك. إنه سلطان المتصوفة ، وجملة الدراويش فى تكيته يقنعون بلقمة الكفاف والسلام.
تكية خوجكان
تقع هذه التكية فى نهاية الجهة الشرقية من ميدان الروملى ، إنها معدن الدراويش ويسكنها جميع دراويش الأوزبك وبخارى وبلخ. ولأن أوقافها قليلة فإنها تعتمد على النذور. وعندما غادر السلطان سليم اسطنبول متجها إلى مصر حمل درويش نقشبندى