وبعد الصلاة يجتمع الصبيان جميعا فى مكان ويتلون على العموم سورة الملك ، ثم يصلون صلوات طويلة ، ويدعون بخير لصاحب الثواب. وهذه العادة غير معروفة كذلك فى بلد آخر.
وفى هذه المكاتب يتنافس الصبيان فى تصعيد الآذان بأصوات رخيمة ، وأنفاس طويلة ، وهذا ما تشنّف به الأسماع وتنشرح به الصدور. وإذا ما مر موكب بعض الأعيان أو الوزراء وشربوا من الأسبلة التى تعلوها مكاتب الصبيان رفع الصبيان جميعا أصواتهم بقوله تعالى : (وَسَقاهُمْ رَبُّهُمْ شَراباً طَهُوراً) الإنسان : ٢١ فيكرمهم بعض أهل الكرم. وهذا هو النظام المرعى فى مكاتب الصبيان فى مصر.
أما مكاتب صبيان الترك فسبعون ، ولكنها ليست مكاتب مقامة فوق الأسبلة ، وكأنها القصور ، ففى الحارات وبالقرب من تكية سيدى الكلشنى يتولى التدريس معلمون وخطاطون فى دكاكينهم لسبعين أو ثمانين طفلا تركيا ، ويدرسون علم الحساب وعلم الكتاب وعلم القراءة ، وليس بينهم أبناء الفلاحين ولا أبناء الحضر ، وجميع معلمى هذه المكاتب من الترك الذين يسكنون فى هذه الحارات.
* * *