كان أزهر القائد يبنى هذا الجامع كتب طلسما وبذلك لا يدخل الجامع من الطيور اللقلق والعصفور والحمامة ولا تعتش فيه وهذا طلسم عجيب.
وخلف باب المحراب تقوم منارتان وكل منهما من خمس طبقات وللجامع سبعة أبواب وهى جميلة الصنع من النحاس الأصفر. وعلى الجانب الأيسر للحرم حوض شافعى ومساحته عشرة أقدام فى مثلها. وفى الجوانب الأربعة للجامع فى سبعة مواضع متصلة مدارس ودور للحديث ودور للقراء وكلها فى أطراف الحرم الكبير للجامع وكلها مكتظة بالمدرسين والطلاب وفضلا عن هذه الأروقة يتصل بالجامع ربوع إذا دخل الإنسان حجرات واحد منها توّهته وهذه الحجرات غاصة بالأعيان والعلماء والصلحاء.
وخلاصة القول أن فى الأزهر اثنى عشر ألف إنسان. وإذا أعلن علماء الأزهر ثورتهم خرج من الجامع منهم سبعمائة رافعين العلم اللهم عافنا إن ثورتتهم غاية فى شدتها. وإذا ما دخل الجامع الأزهر مجرم أو لص وتاب وأناب لم يستطع الحاكم أن يأخذه بالعقاب. وفى كل يوم يختم القرآن أكثر من ألف مرة. وإذا أراد أحد أن يختم القرآن على روح أبيه أو ولى نعمته دفع لمن يتلو القرآن ثلاثين باره ولو دفع أكثر أخذوها مع كيسه غصبا. ويختم القرآن من يتلوه فى سبع ساعات والحفاظ كثيرون. وفى الصباح والمساء يوزع على الفقراء من مطبخ نعمة الله حساء الأرز والعدس مع رغيف. وفى ليالى الجمعة يوزع أرز الزردة واليخنى ويبدو الجامع ليل نهار كأن فيه صاعقة لشدة ارتفاع أصوات من فيه من الناس. وللمذاهب الأربعة فيه من لهم الرياسة عليها. فلمصطفى أفندى الرياسة على رواق الأتراك وكم من مجرم أصبح عبرة لمن يعتبر.
ولرسوخ الاعتقاد فى الجامع الأزهر تبذل له الصدقات والنذور والصّرر والعطايا وذلك من أهل القاهرة وغيرها من البلاد. إن له أوقافا عظيمة وإن اللسان عن مدحه لعاجز.
جامع السلطان أحمد بن طولون
فى عام () (١) قدم السلطان أحمد بن طولون الإخشيدى من بلاد المغرب ورأى
__________________
(١) بياض فى الأصل.