وقد أنجز بناء هذا الجامع أربعون ألف من جند الإسلام ، وكانوا يصلون فيه على الدوام ؛ ولذلك فهو أقدم جامع فى القاهرة ، وله كثير من المحامد والمحاسن ولكن لنوجز القول فى وصفه :
الجامع الآن مربع الشكل أسواره كأسوار القلعة ، ومساحته مائة وثمانون قدما طولا وعرضا ، ومن ناحية بابه إلى القبلة مائتا عمود من الرخام الأبيض ، وعلى يمنة ويسرة حرمه كذلك مائتان وأربعون عمودا أبيض. وعند بدء البناء فيه لم يكن حوله جدران وبنى كله على أعمدة والآن رءوس بعض أعمدته ظاهرة فى بعض المواضع ، وفيه كذلك ثلاثمائة عمود. ومكان المؤذن على ثمانية أعمدة. وبناء على هذا الإحصاء فيه ثمانمائة وعشرون عمودا تنتهى بطاقات كأنها قوس.
وبعد ذلك قال لهم عمرو : ينبغى أن يكون الجامع متينا رصينا وينبغى بناء جدران حوله كأسوار القلعة. ومنبره ومحرابه من الطراز القديم ، ومنبره من الخشب المنقوش. ومن يصلى ركعتين فى الجمعة الأخيرة من شهر رمضان فى هذا الجامع يتحقق له كل ما يتمناه فى دنياه وأخراه. وقد رصفت مساحته بالحجر فكأنها سهل منبسط. ومن محرابه إلى وسطه حجرات علوية ، وقد سكن فيها سيدى الشيخ علاء الدين الطائى ، والآن يسكنها صاحب السلوك الشيخ يوسف الشناوى ، وحول هذا الجامع مئات من الأركان المظلمة وفى كل ركن يسكن عارف من العارفين ، وهم يفطرون فى الأسبوع مرة ، ومنهم الشيخ على الفارضى ، والشيخ رمضان خليفة القيصرى وهما من أصحاب الكرامات. وإذا ما قرأوا علم الموسيقى على الشيخ على الفارضى رغبهم فيه. إنهما سلطانان عظيمان ، وفى الجمعة الأخيرة من شهر رمضان يحتشد فى هذا الجامع عدة آلاف من الناس ويصبح داخل الجامع وخارجه بحر من الناس وهم يصلون. ولا شك أن أرواح الأنبياء والأولياء تحضر فى هذا الوقت على ما يقال.
ولهذا الجامع سبعة أبواب وأربع منائر وفى كل ركن من أركانه منارة إلا أنها منارات صغار قديمة الطراز. وفى الركن الأيمن لهذا الجامع قفص وهو مصلى الوزراء وثمة كلام مكتوب بخط سيدنا عمر وعثمان على رق الغزال ، وهو خط كوفى. وبالقرب منه مقام