الفصل الخامس والعشرون
جوامع مصر المحروسة التى شيدها السلاطين
وغيرها من الجوامع الكبرى التى يستجاب فيها الدعاء
فى القاهرة مائة وستة وخمسون مسجدا لسلاطين السلف من الترك والعرب والعجم ولا وجود لمثل هذا فى جميع الممالك الإسلامية. وإن ما أقيم من هذه الجوامع ليست جوامع ولكنها جنات وسوف أكتب عن هذه الجوامع بالترتيب على حسب ما زرتها وأقدم هذه الجوامع وأعرقها :
جامع عمرو بن العاص
وهو فى مصر العتيقة مسجد عتيق عظيم يستجاب فيه دعاء الفقراء ، وهو كعبة الضعفاء ، وبنى هذا الجامع عمرو بن العاص فاتح مصر. أما سبب بناء هذا الجامع أنه عندما حاصر عمرو بن العاص مصر القديمة أى مدينة الفسطاط ضرب جند الإسلام خيامهم فى موضع هذا الجامع وحفروا خندقا حولهم وقامت الحرب ودامت أياما وكان المسلمون يدفنون شهداءهم فى هذا الموضع وقضى الله أن تفتح القلعة فخلعوا خيامهم ولما اقتضى الأمر أن ينتقلوا إلى المدينة رأوا أن حمامة اعتشت على رأس خيمة عمرو ورآها عمرو ، وقال : لا تخلعوا هذه الخيمة إن هذه الحمامة فى بيتنا وإكرامها واجب علينا وإذا ما أفرخت وطار صغارها فلتطر إلى مقرنا وهى وصغارها فى حمانا من الوحوش والناس.
وأفرخت هذه الحمامة وطارت من عشها وكانت فى كل مرة تأتى أمامه وتحط عليه وأنست به وألفته. لكن عمرو فيما بعد خلع الخيمة وكان ديران كبيران فى هذا الموضع أحدهما للقبط والآخر للروم فهدمهما وأقام جامعا ، ولكن هذه الحمامة اعتشت ثانية فى ذلك الجامع ولذلك سمى هذا الجامع «قطاس».