وثمة قلعة من طابق واحد بها مقر أغوات الباشا ولا يسكنه أحد سواهم ولهذه القلعة طريقان رئيسيان أحدها فى ناحية «كسوه قبوسى» أى باب الكسوه والآخر عند ديوان قلاوون ولا طريق سواهما.
والقلعة ذات الطابقين لها أبواب حديدية كل منها من طبقتين عند عتبة العزب منها باب كبير يطل على «ميدان الروملى» (١) وجميع البوابين يقومون بالحراسة عليه. وما بين البابين مزين بالأسلحة والدروع.
ذكر قصر قره ميدان وطول وعرض قره ميدان
عندما كان خيره بك وزيرا لمصر أحاط «قره ميدان» من جوانبه الأربعة بسور .. وأنشأ فيه حديقة خاصة بالباشوات ولكن فى قديم الأيام كان قصر «قره ميدان» خاصا بالسلطان قايتباى وهو الآن بستان من الأزهار والأشجار والنخيل. وكان الباشوات فى كل مرة ينزلون به ويلعبون الجريد وهو ميدان طوله ثمانمائة قدم وفى نهايته حجرات مرشدى الباشا. ولهذه القلعة كذلك من جوانبها الأربعة أبواب حديدية ، والسلام.
وبذلك ينتهى الكلام جملة وتفصيلا عن القلعة الداخلية. وعلى نحو ما أسلفت يكون للقلعة الداخلية بمصر ثلاث عشرة قلعة منفصلة. وعدد أبواب هذه القلاع المنفصلة تسعة عشر بابا والسلام.
ذكر طلاسم القلعة الداخلية
إن قلعة مصر الداخلية سامقة ذروتها فى الأفلاك وفيها مكان مرتفع يسمى «مرتع المفسلين» وفيه برج عال يطل على مقر العزب. وقد سكنت هذه القلعة سبعة أعوام وكانت لى حجرة أعتزل فيها وأرى منها الدنيا. وتحت كوتى كانت توجد سجادة عليها كتابة وفى وسط هذه الكتابة صورة لطائر بقدر قدمين ، وقد بسط جناحيه وله رأسان.
وفيما كانت حجرتى ترمم ذات مرة خرجت من النافذة وجلست على ألواح الخشب (السقالة) ورأيت تمثالا من الرخام لطائر لا يستطيع مثال غير صانع التمثال أن يصنعه ، وقيل إن تاريخ هذا التمثال يرجع إلى ألف عام. ومع ذلك فحجر التمثال ما زال أبيض اللون وقد لونه المثال فأضفى عليه جمالا وكأن التمثال ذو روح وله رأسان يلتفت
__________________
(١) يقصد ميدان الرميلة.