وأنا أجرى على مصر أوصافها بناء على علمى بها والله المستعان.
أولا : وصف قلعة مصر الداخلية
تقع القلعة الداخلية لمصر فى الجهة الشمالية من أنف جبل المقطم وهى قلعة جميلة على ربوة منتصبة. ومن جبل الجوشى إلى القلعة موضع للمدافع وما بينهما واد من مائتى ذراع فيه حفر وأحجار. وجميع من ينحتون فى الولايات ينحتونها مثل فرهاد ويحفرون الخنادق. وبين القلعة وجبل الجوشى أرض كثيرة الحجارة وعند حصارها لا يمكن اختراق حواجزها. وهذه القلعة الداخلية قلعة شامخة تبعد عن الجانب الشرقى للنيل ألف وخمسمائة قدما. (وجوانبها الأربعة شديدة الانحدار ذات صخور بيضاء) وباب جدارها ثقيل وبناؤها يرتفع ثمانين ذراعا. وهذه القلعة التى أقامها صلاح الدين هى حصنه الحصين وسده المتين تسمى «زر اباد» أى منجم الذهب. ويرجع السبب فى تسميتها بهذا الاسم إلى أنه حينما شرع صلاح الدين فى حفر أساسها رغّب إليه المنجمون أن ينثر الذهب فى أساسها وأن ينثر الذهب كذلك فى برجها.
وهذا ما ظهر لهم فى الطالع الميمون ولما نثروا الذهب فى أساسها عند بنائها سموها قلعة «زر اباد» بمعنى «منجم الذهب» وهذا ما ذكره جميع المؤرخين. لأن مصر منجم الذهب. ولقد بنيت القلعة على شكل مخمس بناء على ما أشار به علماء الفلك. ولأن الشكل المثلث لا يخلو من الفتنة والفساد لأنه يجلب النحس. لذلك بنيت القلعة على شكل مخمس ولكن العبد يدبر والله يقدر ، وشاء الله أن يكون بناؤها على شكل مخمس ولكن طالعها كان نحسا. فما سكنت فيها الحروب والفتن فى كل عام. ومن باب مطبخها إلى برج أغا الانكشارية (يوجد خندق كأنه بئر). وأساسها بتمامه قائم على الصخر. ويحيط بالقلعة اثنا عشر برجا وهذه الأبراج هى البرج الشرقى والبرج الغربى وبرج الأغا وبرج الباب والبرج المسطح وبرج الفرنجة وبرج صلاح الدين وبرج المعمار ، وهذه الأبراج بديعة الزينة والزخرفة وكل منها يتألف من ثلاثة طوابق ويتسع كل منها لألف رجل. وكل برج من هذه الأبراج حصن قائم بذاته يتألف من ثلاثة طوابق ، وفى أحد هذه الطوابق حجرات الانكشارية عند باب الشيخ سارى. وعددها