وانتقلت من يد إلى يد. وهى مدينة قديمة لها أخبار وحكايات لا تنتهى. وأراضيها فى خارجها وداخلها مكتظة بالغرائب والعجائب والطلاسم والكنوز والرموز وهى أحسن إقليم ، وهى كثيرة الخيرات والقرى وحدودها الجنوبية تنتهى عند قلعة صاى بعد أسوان على مسيرة عشرين مرحلة وهى مشاع مع سلطان بلاد الفونج وتنتهى حدودها الشمالية بقلعة الإسكندرية على ساحل البحر. وتنتهى حدودها من ناحية القبلة عند الكعبة. ويحدها من الغرب اوجله وهكذا هى بلاد تقع فى إقليمين.
وفى أرض مصر هذه كنوز ودفائن عظيمة وخبايا كثيرة. ولقد جاء فى بعض الروايات أن موضع فيها لا يخلو من كنز خفى. ولأن مذهب أهل مصر أرضى فهم يدفنون كل أموالهم فى الأرض. وبما أنى مواطن والى مصر كتخدا إبراهيم باشا ، سكنت مع أغوات الباشا فى برج واقع فى مكان يسمى «مرتع المفلسين» وخرجت من مسكنى فى السحر ووقعت فتنة وشغب أمام مبنى الجاويشية جرح فيها عدة خدام. وسألت عن سبب ذلك فقيل لى ربما عثروا هذه الليلة فى هذا المكان على كنز وبينما كانوا يحملون الكنز سقط منه ذهب كثير على الأرض. وتصادف مرور خدام التتار (ناقلوا البريد) ، والحمّارة ولم ينالوا نصيبهم من الكنز فكان ذلك سبب العراك الذى وقع بينهم. وبمجرد أن وصلت فمماليكى كالذئاب الجائعة جعلوا يبحثون بين الناس فوجدوا مائة وسبعين دينارا من ذهب. وعدنا إلى مسكننا. ورأينا الكنز فى الصباح فوجدنا حفرة الكنز تتسع لخمسة رجال وكان الكنز كنزا عظيما. ومن الحق قولنا أن ليس فى مصر موضع يخلو من كنز. وهذا الكنز كان من الذهب الخالص. وكان كل دينار منه يزن ثلاثة مثاقيل وكتب فى طرف الدينار الصلاة الشريفة وكلمة الشهادة. وفى أحد جوانبه كتب اسم الخليفة المأمون ـ عز نصره ـ ضرب فى مصر.
وفى الجانب الغربى لمصر بعد النيل جبال جالوت وفيها المنارات التى تقاتل فيها داود مع جالوت ، وتسمى هذه الجبال كذلك جبل التقاطع وكذلك يسمونها جبل الجوشى. لأن الشيخ الجوشى مدفون فى مسجد فى ذروة ذلك الجبل. أما سبب تسميتها بجبل التقاطع أن هذه الجبال تقطع القلعة الداخلية لمصر من داخلها ولهذا سميت بجبل