المطايا وشاهدت مصر القديمة التى تسمى الفسطاط ومقدونيا ومصرايم وأم الدنيا والقاهرة المعزية وهى شوق الملوك وكانت قصتها فى الزمان الغابر حديث الأصدقاء وطبقت شهرة آثارها الآفاق.
حكاية مناسبة
وفى ذلك العصر سأل رحالة شخصا قائلا : يا أخى من أى بلد أنت؟ فقال الرجل خفيف الظل له : أنا مصرى ، فقال : من أى حى فى مصر؟ فرد قائلا : أنا من حى بغداد ، فقال السائل : أيها الظريف إن بين مصر وبغداد صحراء تمتد مسيرة ثلاثة أشهر. فقال الرجل إن ما ذكرته هو الدنيا بل إن مصر أم الدنيا. وإن ولايات بغداد والبصرة واليمن وعدن والصعيد وأسوان والسودان كل منها حى على أطراف مصر. حقا إن ما قاله الرجل هراء.
فمما يروى أن خليفة بغداد كان يستمع إلى تاريخ مصر وعندما علم أن فرعون مصر ادعى الربوبية فقال : إن فرعون الذى يحكم مصر وهى فى حجم البليدة ادعى الألوهية ترى ماذا كان سيدعى لو أنه ملك بغداد التى هى جنة فى الأرض وقال إن مصر تعد حيا من أحياء بغداد.
وبناء على تواريخ اليونان فإن مصر أول بلد على وجه الأرض تميز بالعمائر العظيمة والأخرى بغداد والصين وعراق الداديين. وهذه المدن الأربعة تشكل السواد الأعظم من العالم ولكن مصر لوقوعها فى وسط الدنيا كانت عظيمة العمران. والآن ليس لها من نظير على وجه الأرض. إلا أنه فى عام ٩١٢ فى عهد الشراكسة بسبب عصيان جنودهم وطغيانهم وتمردهم سمحوا لهم أن يتجاوزوا الحد فى ظلمهم وأن يخربوا عمائرها وأسواقها فأصبحت مصر خرائب وتراب ورمال هنا وهناك. وأصبحت مصر القديمة مأوى للبوم والوطاويط. وبمرور الأيام والقرون أصبحت المدينة كأنها شيخ فى السبعين. ولسان حالها يتحدث عنها وكانت على نقيض ذلك من قبل فى غابر الأزمنة. وعلى شاطئ النيل وعلى مجرى السيل مدينة الفسطاط المسماة بمصر القديمة وكانت هناك قلعة عظيمة. وكانت مدينة هى نادرة الدهر وكم كان بها من خانات وحمامات تخربت