عدة مئات من خزائن مصر ، وساقوا القبط جماعات جماعات من الأسرى وكأنهم بحر وبسطوا سيطرتهم على مصر القديمة ، وجعلوا مصر وقفا على كنيسة آيا صوفيا ، وأدى القبط الجزية للروم.
وفى الجانب الشرقى لمصر القديمة على بعد ساعة من جبل المقطم جبل الجوشى (١) وجبل بجايم وجبل تقاطع والجبل الشرقى وجبل المقطب (٢) أى جبل قطب الأقطاب وجبل لوقان وجبل حجان. أما الناحية الأخرى من النيل فجبال الجبل الغربى وجبل جزام وجبال الهرمين. وبين هذه الجبال المذكورة إلى بلاد الفونج والبربر والنوبة فطرفا النيل ضيقان. وبعض أراضى النيل فى صعيد مصر واسعة وفيها تجرى مياهه التى تأتى من جبال القمر فى الجنوب.
وعندما يصب النيل فى البحر الأبيض عند الجهة الشمالية فى فرع رشيد وفرع دمياط توجد كثير من الصحارى الواسعة وبها جبال لا تحصى كثرة.
ولكن الجبال الواقعة فى شرق مصر ومنها جبل المقطم وجبال الجوشى يصدان عن مصر ريح الصبا. وهذا الجبل حينما تكون الشمس فى الأفق يصد نورها عن مصر وبذلك تصبح مصر كأنها سرداب مظلم بعد طلوع الشمس بساعتين ولذلك أقام القبط فى هذين الجبلين مغارات سكنوها ثم بدأوا بعد ذلك فى تشييد مصر الحديثة ثم جاء إلى مصر ملوك الإسلام. وبعد عمرو بن العاص جاء بنو أمية وبنو العباس والفاطميون. وجملة القول أنه جاء إليها الملوك السالف ذكرهم ولم يرغبوا فى الإقامة فى مصر القديمة وقد عمروا جميعا مصر.
أما أنا فقد أقمت اثنين وثلاثين عاما فى بلاد سبعة عشر من الملوك وطوفت فى جبالها وتلالها ، وكانت المملكة الثامنة عشرة والتى قدمتها هى بلاد الكعبة الشريفة وهى مقصد الناس كافة ، ولله الحمد فى عام ١٠٨٢ حججت وطوفت. ثم قدمت مصر وكانت الدولة التاسعة عشرة ولله الحمد فقد أصاب سهم رغبتى غرضه ، ودخلت القاهرة وذات يوم أردت أن أغير الجو وأستروح فأمسكت على عنان اختيارى وامتطيت
__________________
(١) وهو ما يعرف باسم جبل الجيوشى.
(٢) أى : جبل المقطم.