مصر ، وسلم خيرة بك لأعضاء الديوان وقرأ الفاتحة وفوض كل الأمور إلى خيرة بك.
وفى شهر المحرم من عام ٩٣٣ غادر مصر إلى الأستانة. وكان خيرة بك على نية الخروج معه إلى غزة فقال له السلطان سليم : يا وزيرى خيرة بك إذا كنت ترى فى مصر خيرا فعد من العادلية. لمن تترك الديار المصرية التى فتحت حديثا؟ افتح عينك ولطمه!. فعاد خيرة بك. وفى الطريق الذى سلكه السلطان سليم إلى الشام فرش خيرة بك الحرير تحت قدميه مرحلة بعد مرحلة وبذل المطعوم والمشروب وقدم الهدايا. وفى الوقت الذى وصل فيه سليم خان إلى الأستانة أصبح خيرة بك يتولى الحكم.
ولقد فرق خيرة بك ما عين السلطان من محافظين وكذلك كل ما فى مدينة مصر من جند الروملى والأناضول. وحتى لا تقع الفتنة ومن صالح مصر حشد جند الإسلام فى قلعة قره ميدان وطوابق القلعة الداخلية السبعة. فعم الاستقرار والطمأنينة مصر. ولم يستطع أى شخص أن يتجاوز حده. وقد أقام خيرة بك العدل فى مصر وحكم بالحكمة والرأى الصواب. وتوثقت الألفة بينه وبين المصريين ، وكانوا جميعا يقولون : «الله ينصر السلطان خيرة بك». وحقيقة الأمر أنهم إذا سموا وزير مصر سلطانا فلهذا وجهه وسببه ولكن شريطة أن يكون فعله عين قوله. وإذا ما عزل وزير مصر فى النهاية وخرج سالما فهذا هو الملك بتمام معناه. وسوف نذكر شروط مغادرة العمل بسلام فى موضعه بإذن الله.
وأقام خيرة بك جامعا عظيما على الطريق العام عند باب الوزير. ولا يزال الآن قائما يسترعى النظر بجماله. ولقد وزّر خمس سنين وشهرين ، وأدركته الوفاة فى عهد السلطان سليمان. وهو مدفون أمام محراب جامعه. وطبقا للقانون نظارة الجامع لوزير مصر. وفى مصر الآن يبنى جميع وزراء آل عثمان جوامعا تحت نظارتهم. وسوف نتحدث عن جميع مبراتهم ومؤسساتهم الخيرية فى موضعه بإذن الله.
* * *