لأقضية الأناضول سيطرة عليهم. إلا أن قضاة مصر ممن تولوا القضاء فى المحاكم الست العليا مثل الغربية ودمياط ورشيد واسكندرية والمنصورة يمنحون منصب المولوية فى الأناضول والروملى وذلك بناء على قانون السلطان سليم. وتنتهى مناصبهم فى مصر إلا أنهم شبكة عظيمة. وفى قانون مصر القديم كان يوجد شيوخ للإسلام على المذاهب الأربعة. وفى زماننا بما أن بولوى مصطفى افندى لم يصدر الفتوى بقتل قائد جزيرة كريت غازى دلى حسين باشا ويقدمها إلى كوپرلى محمد باشا نفى إلى مصر فمنح قضاء الجيزة على أن ذلك معاش يتقاضاه ، وكان شيخ الإسلام الحنفى. ولكن لم يكن أحد فى حاجة إلى فتواه ، لأن أصحاب الحاجة كانوا يمضون إلى الأزهر. وإذا ما أعطى أحد العلماء «منقرين» أو ثلاثة استصدر منه الفتوى حسبما يريد ، ثم يأتى خصمه ويستصدر هو الآخر لنفسه فتوى بقول ضعيف ويكون الحكم لإثنين ، ثم يتم الصلح والصلح سيد الأحكام ولا يحكم بأن الحق لأحد الطرفين ، ويضطر الطرفان إلى الصلح.
وخلاصة القول أن فى مصر إحقاق الحق ليس له من وجود ، لأن أحد الطرفين يلح طويلا أو يكون محميا فيكون الحكم له بغير حق وفى مصر علماء لهم عشرون ألف فتوى ، وفيها كثير من المسائل والمشاكل.
ومن فى حاجة لمعرفة مصر وهى من البلاد العجيبة والغريبة فليرجع إلى علماء مصر وفضلائها الذين يعرفون شتى العجائب والغرائب. وحكماؤها منقطعو النظير وهم أذكياء ألباء بطبعهم. وصبيانهم لهم فكر وقاد ، ومنهم سبع وخمسون ألفا يحفظون القرآن الكريم وجميعهم يتلون القرآن الكريم فى الحوانيت وعلى مفترق الطرق وعلى أبواب معظم الحمامات وميدان الروملى. ومنهم عميان يحفظون القرآن الكريم وكلهم مائة وأربعة وسبعون ألفا من العلماء والقضاة والمعلمين.
وعلم التفسير والحديث خاص بمصر ، وفيها أكثر من عشرة آلاف إمام وخطيب وعشرة آلاف من كبار المشايخ. وفى أروقة الجامع الأزهر اثنا عشر ألفا من كبار العلماء.