فاخرة وجمعوا جميع جنودهم على الشاطئ الغربى للنيل ، وقاموا بالحراسة إلى حد أن الطير لم يكن يطير من هذا الجانب ، وفى البداية حاصر جند الإسلام القلعة الداخلية وبدأ كوزلجه قاسم باشا قصف القلعة باثنى عشر مدفعا واقتحمها من جبل الجوشى ، ودخل عسكر الترك جامع السلطان حسن وتحصّنوا بالحواجز ، ويسمون ذلك باب الوزير ، وتحصن الوزير الأعظم () (١) باشا وراء الحواجز عند جامع النظامية ودارت رحى المعارك ليل نهار. وبينما كان كل طوائف الجند تنحدر من القلعة اتفق أن أخبر بوابو القلعة الداخلية الذين يسمون أبناء الألواح أخبروا السلطان سليم ، وفتحوا باب المطبخ وبينما كان السلطان سليم يدخل القلعة الداخلية وفى معيّته أغوات الداخل وحراس الباب وسبعة من وزراء القبة ، كان رجل أعمى ينتظرهم عند الباب منذ أربعين عاما ، وكان يقول «شوى شوى سلطان سليم» ، وبينما كان سليم يدخل القلعة التصق هذا الأعمى بركاب فرس سليم ورقد وأسلم الروح وهو يقول : «شوى شوى يا سليم» ، وتحسب بحساب الجمل ، وهذا الأعمى مدفون فى نهاية باب المطبخ ، والآن أحفاده لهم معاش دائم ، وبينما كان السلطان سليم تحت سلّم ديوان قيتباى انطلقت قذيفة مدفع من القلعة وأصابت طرف قمة رأس سليم ثم قام السلطان سليم ومكث فى بناء حصين أسفل حجرات العيارين ، وبيّضوا قصر القلعة وزينوه بالأعلام ومن هذا الموضع رأى أهل المدينة أن القلعة الداخلية للقاهرة قد فتحت ؛ فرحب أهل القاهرة جميعا بجند العثمانيين ، وقامت كذلك حرب شعواء رهيبة ، وكان للغورى فى الميدان الأسود اثنا عشر ألف جندى زنجى من العرب.
ولذلك يسمون الميدان قره ميدان أى الميدان الأسود ، ودخل جند الروملى هذا الميدان واشتبكوا معهم وقاتلوهم ونصبوا جثثهم السود فى الميدان ، ولذلك سمى قره ميدان أى الميدان الأسود.
__________________
(١) بياض بالأصل.