باى دويدار ولقب بالملك الأشرف وفى ذلك اليوم خرج الناس جميعا للصلاة ونشبت معركة ضارية مع السلطان سليم بالقرب من الخانكة.
إلا أن الجراكسة لحقت بهم الهزيمة ثانية ، وتجدد القتال فى صباح الغد فى الخانكة ودام إلى العصر وأرسلوا إلى السلطان سليم قائلين : نحن لا نحاربكم بالمدافع والبنادق فإن هذه الحرب بإطلاق النار خاصة بالكفار ، وذلك لأن الجراكسة لم تكن لهم طاقة بالمدفع والبندقية أما إذا كان السيف يستخدم فى القتال فلا يمكن مواجهة المصريين لأنهم حقا كالعجم فرسان يحسنون القتال بالسيف وبالرمح. والحاصل أنه منذ مجئ سليم إلى مصر خاض مع الجراكسة أحد عشر معركة من بلبيس إلى أقصى مصر.
وفى نهاية الأمر نشب القتال فى وادى الريدانية أى فى سهل سبيل علام وكانت حربا لا يشبهها حتى حرب علىّ ـ كرم الله وجهه ـ وقالوا : لقد تحاربنا طويلا مع هذا العثمانى ودارت الدائرة علينا ، فلنقتل سليم وعاهدوا الله على ذلك ، وبينما كانت الحرب دائرة الرحى فى سبيل علام بلغ طومان باى وكرتباى و () (١) باى معسكر الإسلام وظن طومان باى أن الصدر الأعظم خادم سنان باشا هو السلطان سليم ورشقه برمح فسقط عن جواده فقد كان سنان باشا بلا لحية كالسلطان سليم ، وكان السلطان سليم يركب فرسه وعليه ثياب كثياب سنان باشا.
وظن كرتباى أنه وزير آخر للسلطان فأسقطه عن فرسه ، وظن الثلاثة أنهم أسقطوا الوزير عن فرسه ، فسلك ثلاثة وزراء الطريق إلى سليم وأصبح () (٢) باشا صدر أعظم.
وقامت معركة فى وقت الغروب ومكث العثمانيون فى العادلية ، ودخل المصريون جميعا مصر وتحصّنوا فيها ، وضرب العثمانيون عليهم الحصار ودان لهم بالطاعة جميع رؤساء قبائل العرب ولم يحضروا حبة من غلال وأحاط جند من العرب بالمدينة من جوانبها الأربعة وفى ذلك اليوم قدم ابن خبير وابن بنى سيف وابن عوار وابن ايد وابن حمادة وهم من شيوخ العرب المقيمين قبالة شاطئ النيل ومسحوا وجوههم بحافر فرس سليم ، وقد طيّب خاطرهم بما لا مزيد عليه ورجع كل منهم إلى قبيلته وعليه خلع
__________________
(١ ، ٢) بياض بالأصل.