والقدس والخليل والكرك والعقبة وصقر وأتباعهم ونال كل منهم نصيبا من إحسانه ، ودانت له بالطاعة جميع العشائر والقبائل ، وتعهدوا جميعا بأن تطيب نفسهم بخدمته ، ولكى يجتاز صحراء أم الحسن وقطيّة أمدوه بأربعمائة ألف جمل يحمل ماء ، ولما غادر غزة ووطأت قدمه صحراء مصر والعظمة لله ، فقد هطلت غيث الرحمة ، وإن من تخوفوا من الظمأ فى الصحراء ساءهم أن يهطل المطر كأنه سيل فأصبحت أرض الصحراء من طين.
ولما وصل سليم خان يونس قتل يونس باشا وبنى بماله قلعة خان يونس ، وطوى الجند الأرض طيّا ووصل العريش وفى ذلك الموضع تقدم الصدر الأعظم سنان باشا وخليل الرمضانى بك وخيرة بك الشركسى وعبروا صحراء قطيّة وأم الحسن وبلغوا الصالحية فظهر رعاع الشراكسة فى حدائق النخيل إلا أن السيوف حصدتهم حصدا وأحضر البدو أكثر من ألف شركسى وأعملوا فيهم السيف بعد أن سلموا أسلحتهم لبدو الصحراء ، ثم مضوا إلى أم القرين وأرسلوا دليل الجراكسة إلى حضرة السلطان سليم فقال : هل لسلطاننا الغورى طاقة لكم فى صحراء بلبيس ، لا تغفل عن هذا .. فأطلق سراح الأدلاء.
حرب سليم مع الغورى وعاقبة أمر الغورى
والتقى الجمعان فى القرين بالقرب من بلبيس ولم يستطع الجيش أن يرى الجيش الآخر الذى يقاتله من دوى المدافع والبنادق. واتفق أن هب نسيم فأثار غبارا كان حجابا بين الجيشين ، ورأوا أن جنود الغورى صاروا فلولا متفرقة وأصبحوا من قبيلة «موتوا بأمر الله» فتحين الجنود العثمانيون الفرصة وشدوا عليهم وانقض عليهم طومان باى من جانب كما ينقض الذئب الجائع على الغنم ، ودارت رحى الحرب من وقت الزوال إلى وقت الغروب ، وما أشبهت هذه الحرب حرب ، وقرع الطبول ، والتحم جند الفريقين فى معركة حامية الوطيس ، والتفت الساق بالساق وانحلت الدروع. وفى هذه الليلة دفن من العثمانيين سبعة آلاف. وقد استبسل فى القتال خيرة بك والذى جاء مددا للجيش العثمانى فى هذه المعركة ، وهذا وارد فى تواريخ مصر ، وعرفوا أن خيرة بك حليف العثمانيين ، وفى صباح اليوم التالى دقت طبول الحرب وكأنها تقول : أين من يحتسى