ده ده : هو كذلك يا مولاى ، وكان يعنى أنها ستصبح داره ، وقرأ الشاه رسالة الشيخ ودلنا على ركن فى قصره الشامخ ، فمكث فى أصفهان مدة مديدة فجعل الشاه إسماعيل سليم ده ده نديما له وقاصا يقص عليه الحكايات ، وقد أنس به الشاه ، وانعقدت بينهم أواصر الألفة. وذات يوم قال له الشاه : يقولون أنك بارع فى لعب الشطرنج ، فقال له سليم : حقا يا مولاى حقا ، فقال الشاه : هيا لنلعب سويا من قبيل المحبة فإما العرش وإما الحظ ، فقال له سليم ده ده : ومن يا مولاى بقادر على منازلة الشاه ، إن منصب الشاهانية يمنع ذلك ، فقال الشاه : دعك من هذا وافعل كل ما فى وسعك ، وها هو الميدان لك وتدبر الأمر ، فرأى سليم فى قول الشاه تواضعا منه وقال : الله كريم ، وعندما جعلا يلعبان تفاءل سليم وقال فى نفسه : يا رب إذا ما تغلبت على هذا الشاه فإن بلاده سوف تهزم بسيفى والفرصة لى ، وجرى قضاء الله أن يدخل الشاه فى خانة (مات) أى أنه هزم فأنشد سليم هذا البيت :
عندما يشتبك الفيل بالفيل فالموت محقق |
|
فاسحب الفيل من خانته فالملك قد مات |
ولما غلب الشاه ، غضب غضبا شديدا ولطم وجه سليم ، فقال له سليم : لقد أخلفت وعدك عندما قلت لى دعك من الشاهانية وافعل ما بوسعك ، فأنا لم أفعل بقدر ما أعرف ، ومات الملك لكنى يا مولاى لست ممن يخلف عهده ، ثم رمز قائلا سنلعب مرة أخرى ذات يوم ، وسأقول مات الملك أيضا ، إلا أن الشاه لم يفقه قوله ، وقال الشاه لنلعب فى يوم آخر ، ولعبا فى ذلك اليوم ثلاث مرات ، وغلب الشاه فى تلك المرات الثلاث أيضا ، فقال له الشاه أيها الديوث أتغلبنى فى كل مرة ، ولكن سليم وحقق بغيته ، ونال من الشاه عطاء جزيل ، وأذن له أيضا فى زيارة ضريح الترك الأتراك الشيخ أحمد اليسوى شيخ حاجى بكتاش ، وغادر أصفهان وشاهد مدنا كثيرة وزار كثيرا من أولياء الله ودعوا له بالخير ، وبلغ تبريز ، وهمدان ، وأردبيل ، ودركزين ، ودرتنك ، ودرنه ، وشهربان ، وبغداد ، حيث مكث فى الأخيرة أربعين يوما زار فيها ضريح الإمام الأعظم ، وعبد القادر الجيلانى والشيخ شهاب الدين السهروردى ، وسلمان الفارسى ، والإمام موسى الكاظم ، ومعروف الكرخى والإمام الحسين والإمام علىّ كرم الله وجهه ، وكل أولياء الله ، وعفر جبينه على عتباتهم ، وطلب المدد من روحانيتهم.