فى بلاد الروم وأذن لنا الشيخ بالمغادرة. ولما بلغنا أصبهان كنا قد طفنا بمائة وسبعين مدينة ، فى ذلك المكان بلغنا أصفهان الذى شيدت فيه هذه المدينة المسماة بنصف الدنيا ، وأقمنا فى خانقاه للقلندرية بأصفهان ، واتجه كل منا إلى صوب ومضينا لمشاهدة المدينة ، وفى المقاهى اتسعت الشهرة لسليم ده ده ، بمهارته فى لعب الشطرنج حتى أن أحدا من أساتذة اللعبة ، لم يكن بمقدروه أن يرفع بيدقا أمامه ، وقد تملكه العجز أهل أصفهان وملأتهم الحيرة من لعب سليم ده ده وقالوا إذا لعب هذا الدرويش الشطرنج مع شاهنا الجميل فلن يسلم منه وسيغلبه وأقسموا بالله جهد أيمانهم. وقالوا للشاه عليك أن تلعب الشطرنج مع سليم ده ده هذا. فقال الشاه آتوا لى بهذا الدرويش فورا فرأينا رجلا على حمار أشهب يخرج من خانقاه القلندرية وسلم قائلا السلام على عباد الله العاشقين. فقالوا زادكم الله عشقا بكمال جمالك فلما قالوا تفضل الشاه يستدعيكم عندما وصلنا نحن الأصدقاء والظرفاء الثلاثة بخرقنا الفاخرة إلى حضرة الشاه أخرج سليم ده ده من خصره صورا وتلى دعاء محمديا ودعاد لحيدر الكرار وهى تتألف من اثنى عشر بندا ترمز إلى الأئمة الاثنى عشر ، وقال من أسماء الله الحسنى : يا واحد الفرد الأحد القادر المؤخّر الأول الآخر الظاهر الباطن الوالى ، كما تلى اثنتى عشر زمزمة وذكر الأسماء كذلك ، وقال : ليس منى ركوع ولا منى قيام السلام عليكم ، عليكم السلام وترنم بهذه الأبيات داعيا له :
إن الآفاق أيها الملك نور ونار |
|
فكن للدهر مصباحا مثل الشمس أنار |
الصحراء والوادى لنا فجة عطّر |
|
وكن للروض زينة كالزهر |
لم يخلق الله الدنيا إلا بك |
|
وحيثما كنت كن يا مليكى الملك |
فلما أنشد سليم هذا الدعاء ، وقف الشاه إسماعيل من فرط سعادته ، وقرّبه إليه وقال له أهلا وسهلا بك ، ولما قال له : من أين تحمل السلام ، قال له : يا مولاى ، أنا غرس يد حاجى بكتاش ولى فى أرض قيصر وزرت ديار القرم ثم مملكة شمخال ، ثم مشهد سلطان خراسان فى بخارى وأخذت الرسائل من الشيخ ، وجئت لرؤية جمال سلطانى لأسلمها إلى الشاه يدا بيد ، ومن فرط سرور الشاه قال : أهلا بك فى دارك ، فقال سليم