وقفت الدولة العثمانية في وجه أعدائها الأشداء وقفة الأسود البواسل ، ولا ننسى بعد ما قاله دولة القائد العظيم في مجلس الأمة مرتين ، فوقع ما قاله حرفا بحرف ، فقد قال في المرة الأولى : «إنني لا أخاف على الأمة من الأعداء مهما كثر عددهم ومهما اشتدت عدتهم ، فإن في قلوب الجيش العثماني متاريس فولاذية لا تؤثر بها قنابلهم الكبيرة» ثم قال : «إننا ندافع اليوم في مواقفنا وسننتقل إلى دورة الهجوم ، فترون الأعداء يفرون أمامنا» ثم وقف مرة ثانية بعد طرد الأعداء من كليبولي ، فقال : «إنا طهرنا شبه الجزيرة من تلويثات الأعداء ، وإن أكثر من مليوني جندي عثماني سيحولون مجرى الدفاع إلى خطة الهجوم».
ولقد صدق دولة القائد العظيم فيما قال ، وما تذكر الأمة له من الأفعال الناصعة القرار في هذه الحرب من هجماته الغضنفرية والتدابير العسكرية والحركات الحربية ما سيسطر على صفحات من ذهب في تاريخ هذه الحرب العامة.
أما زيارته للبلاد العثمانية ونظره في مواقف جيوشها نظرة القائد البصير ، فهو من أعظم ما يسطره التاريخ لأكبر القواد في العالم ، ولو لا اطمئنانه وثقته من حسن مواقف الجيش العثماني في مواقع الحرب لما كان يتزحزح من مركزه في عاصمة الملك ، وهذه بشرى صادقة تتلقاها الأمة بكل ارتياح وقبول.
يزور دولة القائد العام مدينة بيروت مارّا بالقطر السوري ، فترقص له القلوب فرحا ، وتتهلل لقدومه الوجوه بشرا ، وترفرف حواليه الأرواح بهجة وسرورا ، وما تقابل الأمة اليوم إلا رجلا جمع بين حكمة السياسة وشريف الكياسة وصداقة الأمة ومحبة كل فرد من أفراد الشعب المتفاني في الصدق والولاء للحكومة الحاضرة.