قائمة الکتاب

إعدادات

في هذا القسم، يمكنك تغيير طريقة عرض الكتاب
بسم الله الرحمن الرحيم

الرّحلة الآنوريّة إلى الأصقاع الحجازيّة والشاميّة

الرّحلة الآنوريّة إلى الأصقاع الحجازيّة والشاميّة

الرّحلة الآنوريّة إلى الأصقاع الحجازيّة والشاميّة

المؤلف :محمّد كرد علي

الموضوع :القرآن وعلومه

الناشر :مكتبة الثقافة الدينية

الصفحات :215

تحمیل

الرّحلة الآنوريّة إلى الأصقاع الحجازيّة والشاميّة

189/215
*

طوله نحو المائة والعشرين مترا ، وعرضه نحو الثلاثين مترا ؛ بحيث لا يكاد الإنسان ينظر إلى أخيه متلفتا.

ثم سار هذا الحفل العظيم على ذلك الترتيب الغريب بكل رزانة وتؤدة حتى باب السلام النبوي ، فلما وصلا هناك ذبحت الذبائح من غنم وإبل ، وتركت للفقراء والمساكين.

ولما اقترب حضرة أنور باشا من عتبة الباب أخذ المجاورون من أهل فاس والجزائر وتونس والهند وجاوه يقربون القرابين ، وكان نظره أثناء السير محدقا في الأرض خشوعا ، والدموع تنهمل من عينيه فرحا بالشرف الذي ناله بهذه الزيارة المقدسة ، فاقترب القادمان أولا من الروضة المطهرة ، وأخذا يرددان الصلاة والسلام على الرسول الأكرم صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، ويقرآن الأدعية الخيرية ، ثم أقبلا على الروضة المطهرة ، فصليا سنة تحية المسجد ركعتين.

ولما مثلا أمام الضريح الأقدس يعلوهما الخشوع لذلك المقام وقفا حيث الرحمات تترى ، والفيوضات الربانية تتدفق ؛ حيث تقف الروح في مركزها الأعلى ، فتستنشق هاتيك الروائح الطيبة ، فتتجرد عن الكثافات ، وتتحاشى عن الدنايا ، فاضت العيون وسالت عبرات الشوق على الوجنات ، وهنالك عرف الكل تلك الصفات التي جعلت بطلنا الأنور وشهمنا الجمال يحوزان بها ثقة الأمة ورضا الثلاثمائة مليون مسلم ؛ إذ كنت تراهما وقد ظهرا بمظهر الدين ، وترديا برداء اليقين ، راكعين لله ساجدين لعظمته أمام ذلك الجلال الرباني والنور الصمداني ، سائلين الله بجاهه أن يذلل لهم كل عقبة ، وأن يسهل عليهم كل عسير ، وأن ينصر الجيش العثماني في كل التخوم ، لا سيما في الترعة التي