دولة أنور باشا ودولة جمال باشا ومن يرافقهما من أعاظم الأبطال ، وفي الوقت المعين اصطفت أمام جسر دار الذخيرة في طريق الربوة قطع النظامية والدرك وطلاب المدارس الرسمية والخصوصية بأعلامهم وموسيقاتهم ، وعلى جناحهم الأيمن الموظفون الملكيون وأركانهم ، فرؤساء جمعيات الاتحاد والترقي والمدافعة الملية والهلال الأحمر والأسطول وأعضاؤها ، فالعلماء الكرام ، فأعضاء مجالس الإدارة والبلدية والعمومي ، فسراة الحاضرة ، فرجال الصحافة.
وقد أقيم أمام جسر حديقة الأمة قوس ظفر جميل للغاية ، ومثله أمام فندق الجيش الرابع ، وازدانت الطريق الواقعة بين القوسين بالأعلام العثمانية والألمانية والنمسوية أجمل زينة ، وهي باختلاف أشكالها وقطعها مثلت أجمل منظر للرائين ؛ إذ إنها دلتهم على جميل تحالف العثمانيين مع الألمانيين والنمسويين ، ورددت على خواطرهم ما ناله ويناله هذا التحالف من ضروب الظفر في ساحات الحرب.
وبعد غروب الليلة الفائتة ببضع دقائق سمع صوت السيارات ، فنادى النفير معلنا وصول البطلين الكريمين ، فأخذ كل واحد مكانه ، واصطف الناس ـ على نحو ما ذكرنا آنفا ـ على أبدع نظام وأحسن ترتيب ، ولما وصل صاحبا الدولة أنور باشا وجمال باشا إلى جسر الذخيرة نزلا من السيارة ، وإذ ذاك رنت الأيدي بالتصفيق ، ورفعت الأصوات بالدعاء ، فحيتهما الموسيقات العسكرية وجوقات موسيقات المدارس الرسمية والخصوصية ، وظلا سائرين بين صفوف المستقبلين وصفوف جند اليوم وجند المستقبل ، حتى وصلا إلى معسكر الجيش السلطاني الرابع ، وظلّا طول الطريق على هذا المنوال ؛ الرجال يحيونهما بالهتاف والنساء بالزغردة ، وبعد أن استراحا في النزل ذهبا إلى دار الولاية ؛ حيث أقيمت