بطل بيض وجه العثمانيين عامة ، والعرب خاصة في طرابلس الغرب ، فأفهم الطليان أننا أمة لا تكون فريسة لكل مفترس ؛ بل إن لوني رايتنا الأبيض الناصع والأحمر القاني يدلان على ما انطوت عليه نفوسنا الشريفة من السلم وصفاء الود نحو من يصافينا ويؤاخينا ، وإننا نار تسفك دم من ناصبنا العداء وتحرقه ، تتهلل الفيحاء اليوم فرحا باستقبال فلذة من أفلاذ أكباد المسلمين ، ناب عن خليفتهم في قيادة جيوشه فانكسر أعداء الإسلام الإنكليز والفرنسيس ومن لف لفهم كسرة على أبواب دار الخلافة لم ير مثلها تاريخهم ، دبت على أثرها روح النهضة في العالم الإسلامي ، وأيقنوا أن سيف الإسلام الذي كان ساكنا في غمده هو اليوم في قبضة رجال يحسنون الانتفاع منه ، فيستعملونه أحسن استعمال في نحور من يريدون شرّا بالمسلمين عامة ، وبدولة الخلافة خاصة.
هنا يعرض لنا سؤال يضطرنا المقام إلى طرحه على الأهلين : هل رأيتم ـ وربكم ـ قبل اليوم ناظرا من نظار الدولة العلية ووكيلا من وكلاء الخليفة الأعظم يزور دياركم بقصد إسعادكم والنظر في شئونكم؟ بالأمس أوفدت الدولة العلية لنا ـ دام ملكها ـ مدى الدوران دولة أحمد جمال باشا ناظر البحرية الجليلة ، وقائد الجيش السلطاني الرابع ، واليوم جاءنا صنوه دولة أنور باشا ناظر الحربية ووكيل رأس القواد الأعظم ، فحري بنا في هذا المقام أن تثلج صدورنا ، وأن ترتفع أصواتنا بالدعاء للخليفة الأعظم الذي اختار لإدارة شئوننا هذين البطلين الكريمين ، وغيرهما ممن يحق للبلاد العثمانية أن تباهي بهم وتعتز ببقائهم.
كان يوم أمس يوما مشهودا في دمشق ، قلما رأت دمشق نظيره ، فلما ابتسم ثغر صباحه غادر الناس دورهم ، مستقصين النبأ الصحيح عن ساعة وصول