قلت : «والحكمة في ذلك ، أنه لما كان عمر أبلغ الناس نظرا ، وأعلاهم فراسة ، صحيح تخيل الفكر ، عظيم قياسه ، أدهش حتى لم يتخيل بموت المختار عليه الصلاة والسلام ، ولما كان عثمان حوى اتقان الفصاحة ، وله في القول على من سواه رجاحة ، أخرس بانطلاق [حجب](١) الأستار ، ولما كان عليّ سيف الله القاطع ، وعليه اسم القوة واقع ، أقعد عن مد خطوات الأقدار ، ولم يكن أثبت من العباس وأبي بكر رضياللهعنهما» (٢).
وبقي رسول الله صلىاللهعليهوسلم في بيته يوم الإثنين ، وليلة الثلاثاء ، فلما كان يوم الثلاثاء أقبل لناس على جهاز رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، فسمعوا من باب الحجرة حين ذكروا غسله : لا تغسلوه ، فإنه طاهر مطهر ، ثم سمعوا / بعده : غسلوه ، فإن ذلك إبليس وأنا الخضر.
وقال : إن في الله عزاء عن كل مصيبة ، وخلفا من كل هالك ، ودركا من كل فائت ، فبالله فثقوا ، وإياه فارجعوا ، فإن المصاب من حرم الثواب ، ثم كلمهم مكلم من ناحية البيت : غسلوا رسول الله صلىاللهعليهوسلم وعليه ثيابه (٣).
وكانوا قد اختلفوا في ذلك فغسلوه صلىاللهعليهوسلم في قميصه ، وكانوا لا يريدون أن يقلبوا منه عضوا إلا انقلب بنفسه ، وإن معهم لحفيفا كالريح يصوت بهم :
__________________
(١) سقط من الأصل والاضافة من (ط).
(٢) قول المؤلف نقله عنه : ابن الضياء في تاريخ مكة ص ٢٣١ ، والنهرواني في تاريخ المدينة (ق ١٩٩).
(٣) كذا ورد عند محب الدين الطبري في خلاصة سير ص ١٧٠ ، والنهرواني في تاريخ المدينة (ق ٢٠٠).
وحديث الخضر أخرجه ابن سعد في طبقاته ٢ / ٢٦٠ ، ٢٧٥ عن علي بن أبي طالب ، والبيهقي في الدلائل ٧ / ٢٦٨ ، بلفظ مغاير عن عباد بن عبد الصمد عن أنس وقال البيهقي : «عباد بن عبد الصمد ضعيف وهذا منكر بمرة».