ومكانه المعروف بالسهم إلى قرب النيرب خارج دمشق في سفح قاسيون فعمر المأمون هذا الدير وبنى القبة التي فوق الجبل وهي المعروفة الآن بقبة النصر ولم يعثر على أثر لهذا الدير العظيم. وكان هذا الدير لقربه من دمشق ولجمال موقعه مقصد الملوك والراغبين في النزهة والشراب. قال ابن بطريق : إن كنائس الغوطة ودير مران كان المسلمون ينزلونها ويسكنون فيها. وقد نزل يزيد بن معاوية دير مران ومات فيه الوليد واجتاز به الرشيد والمأمون وقد أكثر الشعراء من ذكره حتى نسب ليزيد قوله وقد أصاب المسلمين سباء بأرض الروم :
وما أبالي بما لاقت جموعهم |
|
بالغذقدونة من حمى ومن موم |
إذا اتكأت على الأنماط مرتفقا |
|
بدير مران عندي أم كلثوم (١) |
ومن جملة ما قيل في هذا الدير قول أبي بكر الصنوبري وهو :
أمرّ بدير مران فأحيا |
|
وأجعل بيت لهوي بيت لهيا |
ويبرد غلتي بردى فسقيا |
|
لأيام على بردى ورعيا |
ولي في باب جيرون ظباء |
|
أعاطيها الهوى ظبيا فظبيا |
ونعم الدار داريا ففيها |
|
حلالي العيش حتى صار أريا |
سقت دنيا دمشق ليصطفيها |
|
وليس يريد غير دمشق دنيا |
تفيض جداول البلور فيها |
|
خلال حدائق ينبتن وشيا |
مظللة فواكهها بأبهى ال |
|
مناظر في نواظرها وأهيا |
__________________
(١) الموم : البرسام ، وأم كلثوم هي زوجة يزيد بنت عبد الله بن كريز والغذقدونة ويروى الخذقدونة وهو الثغر الذي فيه المصيصة وطرسوس وأذنة وعين زربة.
وروى البكري هذه الأبيات في دير سمعان باختلاف قليل قائلا إن معاوية كان وجه ابنه يزيد لغزو الروم فأقام يزيد بدير سمعان ووجه الجيوش ، وتلك غزوة الطوانة فأصابهم الوباء فقال يزيد بن معاوية :
أهون علي بما لاقت جموعهم |
|
يوم الطوانة من حمى ومن موم |
إذا اتكأت على الأنماط مرتفقا |
|
بدير سمعان عندي أم كلثوم |
فبلغ شعره معاوية فكتب إليه : أقسم بالله لتلحقن بهم حتى يصيبك ما أصابهم ، فألحقه بهم. والاختلاف في رواية هذين البيتين وإنشادهما مع تبدل يسير تارة في دير سمعان وأخرى في دير مران يوقع الشك في نسبتهما ليزيد وحامل على أن القصة مفتعلة.