فصل في ذكر البلدة المذكورة وما اشتملت عليه من المزايا والجوامع والمحاسن المأثورة :
هي بلدة مبنية في ذيل جبل واقعة في أحسن بقعة منه والطف محل ، بناؤها كله بالأحجار ، يسر النواظر والأبصار ، الا انه قد تخرب (١) أكثره وانكسف أنضره. ذات انهار جارية واشجار متلالئة وازهارها متنوعة زكية متضوعة وبحر عجاج متلاطم الامواج وبها من الجوامع المعدودين يومئذ للخطابة لدى كل باصر وسامع اثنا عشر جامعا خطباؤها تطرب المسامعا : منهم الجامع الكبير (٢) وله اربعة ابواب احدها : باب الفرج باستجابة الدعاء عنده (٣) معروف شهير. وله خطيبان : حنفي وشافعي ، فالشافعي صاحبنا الشيخ مصطفى وله به (٢٤ ب بر) خلوة في نفس الجامع تشرح الصدر وتأخذ من القلوب بالمجامع ، ورئيس المؤذنين به رجل أصله من عكار يقال له الشيخ محمد ابن الطابوش (٤) له نوع دخول ومعرفة في علم المقامات والأصول ، وبه حلقة ذكر تقام يوم الجمعة بعد الصلاة من رجل خليفة لبني سعد
__________________
(١) «قد» ساقطة من نسخة اسطنبول.
(٢) شيّده السلطان المملوكي الاشرف خليل ابن السلطان قلاوون سنة ٦٩٣ ه / ١٢٩٤ م ، في طرابلس على الضفة اليسرى لنهر ابي علي ، وجاء في نقش موجود عليه ما يلي : «بسم الله الرحمن الرحيم ، أمر بانشاء هذا الجامع المبارك مولانا السلطان الأعظم سيد ملوك العرب والعجم فاتح الأمصار ومبيد الكفار ، الملك الأشرف صلاح الدنيا والدين خليل ، قسيم أمير المؤمنين ابن مولانا السلطان الملك المنصور سيف الدنيا والدين قلاوون الصالحي خلد الله ملكه في نيابة المقر العالي الأميري الكبيري العزّي عز الدين أبيك الخزندار الأشرفي المنصوري نائب السلطنة بالفتوحات والسواحل المحروسة عفا الله عنه ، وذلك في سنة ثلاث وتسعين وستماية والحمد لله وحده» ووسّع في عهد الناصر محمد في سنة ٧١٥ ه / ١٣١٥ م ، لمزيد من المعلومات حول هذا لجامع راجع فان برشيم ، المصدر ذاته ، ص ٤٩ ـ ٥٠ وكذلك انظر السيد عبد العزيز سلم ، المرجع ذاته ص ٤٠٠ ـ ٤٠٧ ، كذلك محمد كرد علي ، المرجع ذاته ، م ٦ ، ص ٥٣ ولقد وصفه الشيخ عبد الغني النابلسي بقوله : «وهذا الجامع متسع الجهات ، قيل ان أصله كان كنيسة وله في فنائه صفف ورواقات وله في كل جانب من جوانبه الاربع باب عظيم وهو في وسط المدينة وفي وسط فنائه بركة ماء كبيرة ، عليها قبة عظيمة بأربع عضائض ، كل عضّاضة يحوطها اربع رجال «الرحلة الطرابلسية ، ص ٧٢.
(٣) جاء في نسخة اسطنبول «عندهم».
(٤) لم اعثر له على ترجمة.